الخميس، 21 يناير 2010

ردا على ادعائات الملحدين 4

كذلك في العمل الاخر نرى انه على عكس ما يدعي طارق و بعض الشباب الملحدين الاخرين من ان اللذة و السعادة تنتج مما يفعلوه، تستكمل قصتي من فضلك و احسانك و و قسمتي ونصيبي للاستاذ نجيب محفوظ ايضا في مجموعة رأيت فيما يرى النائم ، نفس الجو القاتم الذي يعيشه الوجودي الواضح في الرواية الماضية ، و القصتين جوهما ملئ بالقتامة و يولد لديك ذلك الشعور القوي بالعبثية كذلك، و ليس المجال هاهنا لمناقشتهما لكن أذكر جزء اخر من من فضلك و احسانك




و كانت لبطل القصة الذي يعمل كاتب للنيابة ، و لم يكن يجد اي هدف للحياة بناءا على تجاربه السابقة فلا هو ناجح في الحب ، الدراسة ، او حتى العمل فما هو الهدف من الحياة ؟


"وزودته أحلام اليقظة بوقود جديد بظهور متهمين معاصرين على المسرح و من ذوي العقائد الدينية ، و ذوي العقائد المادية ، أذهلته جرأتهم ، و استهانتهم بالعواقب ، و تحديهم التحقيق و المحقق . لأول مرة يتلقى تلك المبادئ كتجارب حية ممثلة في أحياء ، كحجج تفوح برائحة اللحم و الدم ، كشخصيات تستهين بكل غال ، فيم تختلف عن هؤلاء الشبان ؟! كيف افترقت الهويات و المصائر ؟! و ركب الخيال فجرد سيفه حينا ، و قبض على المطرقة حينا أخر ، و هام في وديان المجد المخمور ، هام طويلا حتى أدركه الزهاق و الممل و عاد يتسائل :- كيف استخلص نفسي من مستنقع التفاهة ؟!"


مرة اخرى نجد نفس الغبطة لذوي العقائد سواء المادية أو الدينية ، و هو نفس الخط الماضي لكن ضف له كذلك الخط العبثي الذي عاش فيه الشاب الذي جعله يتسائل في اخر القصة بعد ان نجح أباه بعد طول انتظار في الظفر له بعقد عمل في الخليج "من فضلك و احسانك دلني على سبب للحياة "-الكلام بطريقة غير مباشرة موجه للخالق سبحانه و تعالى






و لنلقي نظرة على الفكرة الرئيسية الاخرى التي يركز عليها الملحدين بشدة ( الحرية المطلقة للفرد ) ، وتعتبر أساس تفكير اغلبهم كما سأوضح فيما بعد ،و كذلك نقد نظرية تطور الانسان إلي عقل التي يدعيها الملحدين والتي أدعي عن نفسي انها تحول الانسان إلي ماكينة كل أهدافها هي قضاء شهواتها في الحياة(الأكل –الشرب – الجنس –وحتى العمل ) لكنها تنتزع تماما من الإنسان جزئه الروحي ،و أيضا ساوضح في النهاية أن حتى العقل الذي يدعي الملحدين أنهم ابنائه، هو ليس اباهم بالضرورة ربما العقل الاستعمالي لكنه ابدا ليس عقلا نقديا ( سأتوسع في هذين المفهومين لاحقا )






و هذه المرة سأناقش الأطروحة من خلال مسرحيتي لينين الرملي أهلا يا بكوات و وداعا يا بكوات


بداية أورد ما كتبه لينين في مقدمة مسرحيته


ما زلت اذكر تلك اللحظة كأنها بالأمس .


كانت التيارات السلفية قد قتلت الرئيس السادات منذ أقل من عام و كانت توقعات البعض أن هذه مجرد البداية ، و كنت أقيم لثلاثة أشهر في الاسكندرية حيث تعرض مسرحيتي "أنت حر " . أقيم وحيدا في شقة مرتفعة تطل على شاطئ البحر . كان الوقت غروبا و كنت مكتئبا ،و لا عجب فاليوم كان يوم ميلادي ! و هكذا تضافرت كل الأسباب لكي تدفع بسحب الهواجس كي تمطر فجأة ،وفي دقيقتين تحولت إلي فكرة واضحة كسطوع الشمس يلتهب بها رأسي محملا بإحساس قوي يجيش بها صدري فأكاد ألهث من شدة وطأته .قفزت إلي مائدة الطعام و كتبت أعلى الصفحة كعادتي تاريخ اليوم 18 أغسطس 1982 . و في دقيقتين دونت الفكرة في صفحة واحدة عن شخص يجد نفسه بطريقة غير مفهومة و قد سقط في بئر الماضي و يضطر في البداية إلي أن يخفي حقيقته ، ثم لم يلبث أن يجد نفسه مدفوعا إلي نقل ما يعرفه عن المستقبل للناس لكي يعملوا على تغييره إلي الأفضل لكنهم لا يصدقونه .


و سرعان ما سجلت بعد السطور ( بئر الماضي هذا هو إسم المسرحية !)


ثم بعد بضع فقرات يضيف : كل هذه الأسئلة و غيرها لم تدر بفكري ساعتها . لكني أعتقد أن الدافع العام وهو رؤيتي لزحف التيارات السلفية على مجتمعنا لا يكفي وحده دافعا لكتابة مسرحية بكل ما يعنيه ذلك من معاناة ! و إنما لابد أن يجتمع الدافع العام مع حاجتك النفسية


و يضيف عن مقدمة الجزء الثاني (وداعا يا بكوات ) :


في اهلا يا بكوات عاد الزمن بالبطلين قرنين إلي الوراء فوجدا نفسهما في عصر المماليك ، ولم يفلح وعيهما بالحاضر في تغيير الماضي بل أضناهما ذلك الوعي و مزقهما نصفين .


وقال البعض الين اعجبتهم المسرحية أن ذهاب الإثنين إلي الماضي يصور الرده الفكرية التي حدثت لمجتمعنا .و ان البكوات هم الذين عادوا إلي حياتنا فلم نملك إلا أن نقول لهم اهلا ..و كنت أرى ان بطليها توهما –مثلنا جميعا –اننا نعيش في الحاضر حتى افاقا على الحقيقة و هي اننا لم نخرج من جب الماضي بعد لكي نعود إليه !


و في ( وداعا يا بكوات ) يذهب البطلان إلي المستقبل بعد ثلاثة قرون .


وقد يسارع البعض فيعتقد أن المسرحية ترسم صورة المستقبل و ان البكوات هذه المرة يذهبون بلا رجعة فلا نملك إلا أن نقول لهم وداعا ..


لكني أظن – وقد اكون مخطئا – ان المسرحية لا تعرض شكل الحياة في المستقبل .


فلا يمكن لخيالي ان يقفز هذه القفزة الواسعة إلي المجهول . و لست مغرورا إلي حد يجعلني احاول ان اتكهن او اتنبأ بزمن لم يولد بعد .


بل هي مسرحية تتحدث عن الحاضر .


و الحاضر الذي اتيح للبطلين هذه المرة أن يسافرا إليه فيلمحا بعض انواره و ظلاله و يمرا على تخومه و يعيشان على ضفافه وقتا اشبه بأطياف حلم غامض غريب و عندما أفاقا أدركا انه لم يكن حلما و ان ذلك الحاضر جاء و مر بنا فلم يعرفنا و لم نعرفه


و باختصار في هذه المسرحية اروي حلما عن الحاضر ..


حلما لا اتمناه .. و لكني أخشى أن أفيق منه على الواقع .و لا أعرف لنفسي زمنا اخر اعيش فيه !






بالطبع تتضح رؤية الكاتب من خلال المقدمتين ، فكما انتقد لينين السلفية انتقد بالمثل التقدم الاوروبي و هو ما يتضح في أجزاء التشابه في المسرحييتن(و أنا لا أختلف عنه في هذا ابدا )


و المسرحيتين يتحدثان عن بطلين – نادر غريب المصري و برهان عبد الغني ( طبعا دلالات الاسماء واضحة كعادة لينين ) ، يتمتع دكتور برهان بشخصية نفعية برجماتية لأبعد الحدود ،وهو المتوقع من عالم مثله حصل على أعلى شهاداته من الولايات المتحدة ،واصل إلي أعلى المناصب في مصر ،ويتمتع باتصلات بشخصيات مهمة ، فيما يتمتع نادر بشخصية مثالية تصل لحد البلاهة وهو مدرس للرسم في المدرسة التي كان طالبا بها ( أم الصابرين الثانوية )-مرة اخرى دلالة الاسم واضحة – وعموما و لكي لا اغرق في تحليل المسرحيتين ، اجمل النقطة المتعلقة بالحرية و المرأة و الإنسان


في المسرحية الأولى – أهلا يا بكوات – يفشل نادر في الاندماج في عصر المماليك و يحاول تنبيه قومه –المصريين في زمن مراد بك - إلي الخطر القادم – الحملة الفرنسية – لكن الأوضاع كانت اسوء من ان يتحكم فيها و جل ما فعله هو تقليبه و تطويره –من وجهة نظر الكاتب – لبعض طلاب الازهر الشريف –الذي اراد لينين أن يوضح انهم الأمثل لهذا التغيير لتعلمهم أما باقي المجتمع فمقسم بين منتفعين (عبر عنهم لينين بشخصيات ثلاثة الاغا و يمثل السلطة التنفيذية و الشيخ و يمثل السلطة الدينينة و التاجر و يمثل سلطة المال ) و بين بعض المتخلفين ،و أرى ان أورد المشهد المعبر عن رغبة كل منهم في التغيير ففي الوقت الذي يحاول فيه برهان كسب أكبر تأييد له في المجتمع و جني أكبر مكسب شخصي يحاول نادر إصلاح المجتمع طبقا لرؤيته :


إظلام قصير :


(نادر جالس مع أصحابه في ناحية ،وبرهان و أصحابه في ناحية أخرى )


نادر : هيه يا جماعة ، إيه رأيكم في الكتب اللي وزعتها عليكم ؟


حسن : إسمعوا إحنا غير راضيين عن أحوالنا .


نادر : عظيم


حسن : لكن الحلول إللي قريناها جريئة زيادة عن اللزوم ,


نادر : كل جديد يبقى مستغرب في أوله لحد ما نتعوده .


طه : لكن أنا مختلف مع الأفكار اللي في الكتب دي .


نادر :وأنا أرحب بالنقاش .إتفضل قول رأيك .


برهان : رأيي إنه أن الاوان للنهوض و إصلاح الاحوال


التاجر :والله كلامك عال العال


الشيخ : أي نعم ، يجب تبصير الناس بالحرام و الحلال .


برهان :ولذلك بعد عمل الاستخارة و سؤال النجوم و أخذ الفال ، انتويت بإذن الواحد المتعال ، تكوين شركة برهان لتوظيف الأموال .


طه : خد عندك كمان ، كتاب اللي إسمه قاسم أمين ..يا ساتر ..قولي بالله كيف يتساوى الحريم بالرجال ؟


آمنة : (تظهر بصينية عند المدخل ) القرفة يا نادر .


نادر : هاتيها يا آمنة ... تعالي ،دول أصحاب ...


آمنة : (تدخل مرتبكة قليلا ) يسعد مساكم


الثلاثة : (يرتبكون و ينظرون في الأرض) )


نادر : اقعدي ، احضري المناقشة معانا ..كمل كلامك يا طه ..


طه ( يتلعثم ) أنا ..أنا كنت بقول إيه ؟


الأغا : كثير من الخلايق محوشين فلوسهم تحت البلاطة .مهما صادرناهم أو ضربناهم ما بنعرف مطرح مخبوءاتهم


برهان :المطلوب منك يا جناب الاغا تطنش عليهم في حالة ما يحطو فلوسهم عندنا .


التاجر : و إزاي يحطو فلوسهم معانا بالتراضي ؟


الشيخ : يا سلام ؟!الله سبحانه و تعالى حرم اكتناز المال .


برهان : بالضبط .هذا دورك يا مولانا ..الدعاية و الإعلان و الفتوى ..


شجعهم على إيداع أموالهم لدينا و دع الباقي علينا .


الشيخ :الشرط أن يكون لي في الشركة عشرة الميه


آمنة : حضرتك تنكر إن الإسلام كرم المرأة و أعطاها حقوقها ؟


طه : لا ما انكرش


آمنة :و إن الستات هما امهاتكم و اخواتكم و بناتكم و زوجاتكم


أمنة :و إن المراة ممكن لو اتعلمت و اشتغلت تكون زيكم و احسن منكم ؟


طه : هذا صحيح ،لكن الكلام شئ والواقع العملي شئ تاني ..


امنة :وايه قيمة الكلام إن ما كنش يبقى فعل ؟ولا هو نفاق و بس ؟ اتقوا الله ..


طه )ينظر لها مبهوتا بينما يضحك الجميع ).


نادر : يعني سكت يا عم طه ؟


شعبان :ما ترد يا أخي .


طه : أنا ..أنا ما اتعودتش أتناقش مع حريم


حسن :صلي على النبي ، تلاقيك انت اللي بتسمع كلام حريمك في البيت ..


التاجر : لكن أنهي تجارة ممكن تعطي الناس الأرباح الوفيرة إللي بتكلم عنها !


الأغا : دا ما يهم الان . المهم نتلايم ع الفلوس الأول و بعدين نبقى نفكر ،و إن اتزنقنا نبقى نلبس طاقية ده لده


الشيخ : و طالما نيتكم كدة ..يبقى الثروة هتزيد لأن البركة هتطرح فيها


برهان : عموما أرى استبدال هذه الأموال بعملة فرانسة ، فالطالع يقول إن قيمتها هتشطح في العالي


الشيخ: يبقى على بركة الله


شعبان : يا إخوانا ، لازم نقر إننا منكفئين على نفسنا والعالم بيتغير من حوالينا


حسن : يعني بدك ناخد بالبدع بتاعة الفرنجة و الغرب ؟


نادر :مافيش حاجة اسمها حضارة الغرب ، فيه حضارة انسانية ساهم فيها الكل ، الفرس و الروم و العرب و اهل الهند و الصين ، حضارة ممتدة من ايام ما ابتداها قدماء المصريين .


حسن : والله معاك الحق .. بس ديننا و عادتنا و أخلاقنا ..


آمنة : (مقاطعة ) و إيه دخل دا كله في العلم ، المسألة ببساطة مطلوب نفرق دايما بين كلام العلم و كلام الخرافة ..نتحقق من أي شئ نسمعه أو نشوفه و نجمع عنه بيانات صحيحة و نختبره بالتجربة العلمية عشان نعرف صحته من خطأه


نادر : (لطه الذي سرح يتأمل آمنة ) واخد بالك يا عم طه ..عم طه ؟ إنت رحت فين ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق