الأربعاء، 20 يناير 2010

ردا على ادعائات الملحدين 1

مقدمة :
كنت أنوي أن يكون هذا العمل- هو باكورة اعمالي الادبية المنشورة بعد عامين من الان إن شاء الرحمن ، لكني وجدت أن المد الفكري الالحادي من جانب ، العلماني من جانب، الغربي من جانب ، يتصيد العديد من الاصدقاء و الشخصيات التي عضضت عليها شفتيي من فرط الغضب على فقدانهم ، ووجدت حملات شرسة من قبل بعض الملحدين على بعض الشباب المسلم الوديع الذي لم يعتد الحوار لبعد المجتمع المصري عن الديموقراطية ، الامر الذي جعلني ابادر بكتابة هذه الصفحات لعلها تفيد البعض
و كنت أنوي ان يكون العنوان في الأساس – مائة سؤال يوجههم لك ملحد أو علماني عربي –، لكني في هذا البحث وجهت أغلبه تجاه الملحدين فقط ، وأنا أعرف يقينا أن كثيرا من العلمانيين ربما يفوق خوفهم على الاسلام خوفي عليه ، لكني أبدا لم استطع حل اشكالية تضاد النظام الاسلامي حتى من حيث الشعائر مع النظام العلماني ،و أنا عن نفسي أجد ان التضاد بين العلمانية و اي دين بل و الاخلاق ذاتها لا تسعنا من ان نقيمها في أي مجتمع ، و سأحاول خلال هذا البحث إيضاح هذه النقطة ،و ذلك لعلمي ان العلمانية قد تتسم بالمثالية للوهلة الأولى لكن في الحقيقة أن العلمانية كنظام شأنها شان أي نظام اخر – ومنها النظام الاسلامي ففي النهاية مطبقي النظام الاسلامي بشر ايضا وهم يخطئون – له مميزاته و عيوبه و ليس مثاليا كما يدعي البعض ،بل إنه يخرج أسوء ما في الإنسان حيوانيته و برجماتيته وهو ما سأوضحه في البحث
و لا ازعم أني سأتي بالجديد ،و رغم محاولة بعدي عن معسكر الاسلاميين (الأخوان المسلمين ) في البحث إلا انني لم استطع الخروج خارج نطاق افكار منظريهم أو بادئي حركات الاسلام السياسي ( جمال الدين الافغاني – محمد عبده – محمد رشيد رضا – حسن البنا – محمد الغزالي –يوسف القرضاوي-محمد عمارة ) مع حفظ الالقاب طبعا ، و كذلك المختلفين مع هذا التيار من ناحية الطريقة لكنهم في نفس الصنف في النهاية بشكل من الاشكال ( سيد قطب – عبد الوهاب المسيري ) ، و قد يكون في هذا البحث بعض الرؤى الشخصية لي لكنه في النهاية لن يزيد عن محاولة-جديدة- لكسر صنم أوروبا و امريكا المتولد داخل كثيرين و إيضاح الدين الإسلامي الذي أحاول تطبيقه في معاملاتي عن نفسي و لا أجد فيه أي دعوة للردة أو التخلف
و أحب ان انوه ان فترة العامين هي الفترة التي كنت احتاجها للبحث و القرأة و تمرير الفكرة في رأسي بشكل اعمق ، لكني اضررت اضطررا لوضع بعض الافكار دون بحث قوي لكني اجد ايضا انها ستكون ذا عون لأني اجد ان الافكار المضادة من الضحالة بان تهدم حتى دون تفكير في بعض الوقت
وربما سيكون الاختلاف الوحيد في هذا البحث ، هو في الطريقة ذاتها، فالبحث يعتمد طراز الهجوم أكثر من الدفاع ، ذلك اني أجد اني غير مضطر للدفاع عن الاسلام من الاساس قدر الايضاح للاخرين العيوب الواضحة في النظم الاخرى التي زعموا انها افضل ، و ذلك ببساطة لأن اغلب الناس إذا ما ترددت مقولة ما في الافق لفترة طويلة فإنهم سرعان ما يعتقدون فيها دون تمحيص و يشمل هذه المقولات في رأيي مقولات من عينة ( العلمانية هي الحل ، الديموقراطية هي الحل و اضيف لهم الإسلام هو الحل !!) فكل قائل لهذه المقولات لم يحدد بدقة المشكلة لكي يقول لنا الحل و هو أمر من الشائع أيضا ترديده و قد يقول لي أحدهم و : و ما الحل يا برم ؟ فاقول له دعنا نحدد المشكلة بشكل دقيق و سنقوم على اساسها بتحديد الحل .
الجيزة في 9 ديسمبر 2009
كانت البداية بقرأة احد النوتس لزميل ملحد – طارق دوكنز – ويدعى الالحاد دين الانسانية و كان مشاهدة النوت فقط فوق مستوى احتمالي من حيث ضحالة الطرح أو موافقة البعض على طريقة المداحين للعرض
وقد كان هذا يثير اعصابي –و ماازال - عند إطلاعي على الاراء المخالفة الراديكالية الديماجوجية ، و الحقيقة أن من قرأتي لونت طارق و مشاركاته عموما أجد فيه شأنه شأن أخرين الكثير من العنصرية ، و هي منتشرة في أوساط الملحدين (و لا أعني كلهم بالطبع ) و سأقوم بعرض وجهة نظري باستفاضة و أرجو أن يتسع صدر ووفت القارئ لي قليلا
بداية أحب أن أقيم العنوان الإلحاد دين الإنسانية
و الواقع أني أجد هذا العنوان قمة في العنصرية من البداية و كما يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله في كتابه في الادب و الفكر : و الانماط الادراكية العنصرية هي أنماط أختزالية تبسيطية ، تعبر عن كسل من يستخدمها ، فهي تختزل الاخر في كلمة او كلمتين ، و في صورة تبسيطية و في صورة مجازية أكثر بساطة ، فالاخر غشاش ، و لا يمكن الثقة فيه ،و العالم سيصبح مكانا جميلا فردوسيا رائعا لو اختفى منه هذا الاخر ، فالاخر هو الجحيم و هو مصدر كل التعاسة
و لا اعني هنا كمسلم أدعي الإلتزام أو ممن يطلق عليهم سياسيا الاسلاميين، لا أنفي التهمة عن شريحة كبيرة من الإسلاميين و القوميين و غيرهم ،ففي رايي ان العنصرية تاتي من السطحية بالاساس و في رايي ان العميق من الناس في اي بيئة حوالي 10% تزيد هذه النسبة و تنقص لكنها بحدود لا تزيد عن 10 % أخرى
و أحب أن أقسم عنوان الموضوع إلي ثلاث أقسام ، و لنا أن نقيم تجربة ألحاد كل من هو موجود هنا و أعرف أن الغالبية هاهنا ملحدة
في رايي يمكن تقسيم الملحدين الذين قابلتهم في مصر خصوصا و العرب عموما سواء على النت أو على أرض الواقع إلي اقسام ثلاثة (التقسيم تقسيم ذاتي و عمدت الابتعاد عن مفهوم الالحاد الايجابي و الالحاد السلبي أو أي من التقسيمات الاخرى، كما تجاهلت الدخول في الاتجاهات الاخرى كالالوهيين و من سواهم ):
1- وجوديين
2- لا أدريين
3- شيوعيين

بالنسبة للقسم الأول فأنا أعتقد أنه المكون الرئيسي لاغلب من قابلتهم ( من الملحدين )سواء على الأرض أو على النت هو الفكر الوجودي ، و إن كنت أظن أن الامر جاء اعتباطا فأنا لم أجد أحدهم يعلي قيمة سارتر مثلا أو يمجد مقولاته ،أو كريكارد بالمثل ، بل على عكس وجدت الاغلبية تعلي من قيمة ريتشارد ديكونز ، و داروين ، و تدعي استعمالها العقل و أننا في عصر العلم إلي أخر هذا الكلام ، الأمر الذي ساحاول بعد قليل اثبات انه غير صحيح اطلاقا بقليل من المجهود الذهني .
فإذا نظرنا للموسوعة الحرة وجدنا في وصف الوجودية
ويبدأ فهم معنى الوجود بالدخول بالتجربة الوجودية الفردية الداخلية وبمعايشة الواقع وجدانيا أكثر منه عقليا ثم يبرز اكتشاف المعاني الأساسية في الوجود الإنساني العدم أو الفناء أو الموت وخطيئة ،الوحدة واليأس وعبثية ثم القلق الوجودي ثم قيمة الحياة أو الوجود ثم معناه الصادق الملتزم بإحترام القيم الإنسانية الخالصة وحقوقه وحرياته . وقد يتجه القلق الوجودي بالفرد إلى ثلاث انماط من الناس ، رجل’ جمـال ، ورجل’ أخلاق ، ورجل دين : أ. رجل الجمال : هو الذي يعيش للمتعة واللذة ويسرف فيها ، وشعاره ( تمتع بيومك ) ( أحب ما لن تراه مرتين ) ولا زواج عند هذا الرجل ولا صداقة ، والمرأة عنده أداة للغزو وليست غاية . ب. رجل الأخلاق : وهو الذي يعيش تحت لواء المسؤولية والواجب نحو المجتمـع والدولة والإنسـانية ، ولذلك فهو يؤمن بالزواج ولكن لا علاقة له بدين أو غيره . جـ. رجل الدين : وهو عندهم لا يحيا في الزمان ، فلا صبح ولا مساء، ( ليس عند ربكم صباح ومساء ) ولهذا فهو متجرد عن الدنيا ، وأحواله في الجملة هي تلك الأحوال المعروفة عند الصوفية . وقد تقع هذه الأنواع والصنوف لرجل واحد فيتدرج من المرحلة الجمالية إلى المرحلة الساخرة ، وهذه تؤدي إلى مرحلة الأخلاق التي تسلمه بدورها إلى العبث ومن العبث يبلغ المرحلة الدينية ،
ووجدنا ايضا ان من المأخذ على الوجودية في الموسوعة التالي :
معظم هذا الكلام خاطئ لانه عكس تفكير سارتر الحقيقى ننقل هنا بعض الفصل السادس من كتاب (رمضان لاوند) (وجودية ووجوديون) للاطلاع على بعض المآخذ التي أخذت على (سارتر) وان حاول ردها في كتاب (الوجودية مذهب إنساني) لكن الحقيقة أن نقول: مطالعة كتاب سارتر تعطي اعترافه ـ ولو بعض الاعتراف بهذه المآخذ ـ والأستاذ (لاوند) وان ذكر في نفس هذا الفصل مقتطفات من ردود (سارتر) لكن المطالعة المستوعبة لكتب سارتر تعطي دليلاً على صحة جملة من الإيرادات…
كما أن كثيراً من الوجوديين في (باريس) و(بيروت) وغيرهما أعطوا أدلة حية على صدق المآخذ.
واليك ما ذكره (لاوند) في الفصل المذكور:
- دعوة الوجودية إلى الخمول، ودفعها إلى اليأس.
-تقوية الروح الفردية الحالمة، التي تبتعد عن المجتمع ومشاكله الراهنة.
-استحالة تحقيق أي إنتاج ذي طابع اجتماعي عام.
- اكتفاء الوجودية بتصوير مظاهر الحياة الحقيرة:من جبن وفسق وضعف وميوعة، ونسيانها مظاهر الحياة الآملة القوية التي تؤمن بمستقبل عظيم
- الوجودية لا تؤمن بالتعاون الاجتماعي.
- تنكر الوجودية لفكرة الله، وتنكرها للقيم الالهية، وخلوها من مواقف جدية إنسانية في الحياة.
- الوجودية أداة للتفسخ الاجتماعي لأنها تحول دون أن يصدر أي من الناس حكماً على تصرفات الآخرين، بحيث يكون كل فرد عالماً قائماً بذاته في مجتمع يحتاج إلى التعاون، والانضواء الجماعي والمسؤولية المشتركة المتبادلة.

2- اللا أدرية : وهم قليلون و الواقع أن عدم جزم هؤلاء بشئ يضعهم في رايي في مرتبة أفضل ، فهم ليس بعنصرية الصنف الأول و يتمتعوا بقدرات جيدة للتواصل مع الأخر ، و لكن أعتقد أن اعتناق المذهب ذاته يؤدي إلي نفس النتائج السابقة من حيث انعدام القدرة على اتخاذ موقف نتيجة لعدم وجود اعتقاد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق