الأربعاء، 20 يناير 2010

ردا على ادعائات الملحدين 2


3-الشيوعيون : و أنا أحترم كل من يعتنق الايدلوجية الشيوعية بلا تصنع ، و إذا كنت في البداية ذكرت أن في كل التيارات نسبة الاشخاص العميقة لا تتعدى 10 او 15 % ، فاعتقد انها في الشيوعية تكثر عن هذه النسبة ربما تصل إلي 20 او 25 % مثلا ، و الحقيقة أني أجد بأفكار الشيوعيين نسبة عالية من الانسانية و ربما- نظريا- تتفوق في بعض المناحي على الاسلام ذاته ، , إن كانت في رايي تقضي على الفروق الفردية ، كما انها لا تتعامل بواقعية ، و يوجد كثير من الدكتاتورية في تطبيقها في اكثر من نموذج ( الاتحاد السوفيتي ، الصين ، كوبا ) ، لكن يبقى أن المفهوم ذاته مفهوم إنساني عميق في رايي ، يعمل على الاخاء و المساواة (ولو نظريا ) و الحقيقة أن اغلب من قابلتهم من الشيوعيون كانوا مغتمين بالواقع الحياتي للإنسان العربي فعلا ، يعتبرون اسرائيل كيان عنصري محتل ، صحيح أني كنت أجد لديهم بعض الثغرات من حيث اعتبار الولايات المتحدة فقط كيان امبريالي ( و كأن الاتحاد السوفيتي لم يكن ) ، لكن في النهاية انها تشترك مع الاسلام في اوجه كثيرة و الناظر بعين الدقة لحكم الخليفة عمر بن الخطاب يجد انه حكم اشتراكي ، كما ان الصدام الحادث بعد ذلك بين علي كرم الله وجه و معاوية ابن ابي سفيان ، يجد انه كان صداما بين الاسلام بفهومه الثوري المنحاذ للفقراء ( إذ أن علي نفسه كان فقيرا ) و بين الاسلام الامبراطوري من ناحية ، و للاسف فإن انتصار ابوسفيان في رايي اضر الامة الاسلامية اكثر ما افادها، و نزع عن الاسلام اكثر الرسائل المبكرة جاء بها كالديموقراطية و الشهادةو المساواة و احترام الاقليات و ان ظلت هذه الرسائل موجودة لكن بشكل غير واضح
ولكن من الغريب حقا أني لم أجد أحد ابدا يعترض على كون النظام الشيوعي يعتمد على نظام الحزب الاوحد ( الحزب الشيوعي ) ، في حين أن التهم دائما ما توجه للاسلام برفضه التعددية على الرغم من ظهور فرق كثيرة داخله نفسها ، و ليس أدل على هذا من الخلاف الحادث بين الامام احمد و بين المعتزلة حين غلب الخليفة المأمون بعض المعتزلة على الإمام احمد .
و كذلك فإن إدعائات الكثيرين بأن الإسلام دين انتشر بالعنف و السيف تبدوا لي مضحكة حينما نقارنها بتبجيل البعض للشي جيفارا ( و أنا أحترمه جدا بالمناسبة ) ، لمناضلته ضد الامبريالية الامريكية ( لا أفهم ما سر تدخل امريكا التي من المؤكد ان كثيرين هنا يهيمون بها و يتخذونها كنموذج مبهر في شئون كوبا و التي أرسلت من أجلها عملاء من السي اي ايه لمعاونة باتيستا ضد الثوار ، النموذجين لا يدينون بدين بالمناسبة –أو على الأقل منبع تصرفاتهما- ، و كذلك اغلب الصهاينة الان )
بالمناسبة الشيوعية ليست ضد الدين بالمعنى المفهوم ،و لي اكثر من صديق شيوعي و ارائه الدينية سنية اسلامية مثلا و يعضهم الاخر مسيحي ديانة فعلا ، و إذا أخذنا مقولة ماركس المعروفة :المعاناة الدينية هي في نفس الوقت ،التعبير عن المعاناة الحقيقة و الثورة ضد المعاناة الحقيقية ،الدين هو اهة المخلوقات المضطهدة ،هو قلب عالم لا قلب له ،و روح شروط لا روحية ،هي افيون الشعوب
و لا أظن أن المقولة بها من الذم للدين اكثر مما بها من المدح ،و في كليتها هي مقولة مبهمة تحليلية و في رايي لا تدل على ان قائلها ضد الدين من الأساس.
و لذلك فاظن ان طارق لو كان قد كتب ان الشيوعية هي دين الانسانية اعتقد ان الامر كان سيكون اقرب للهضم من ترك الأمر على المشاع هكذا .
و كنت أود أن أؤجل عرض هذه النقطة في نقطة –مفاهيم منقوصة للدين الاسلامي ، لكني أجد أن القارئ سيفقد الصلة بهذه النقطة عند عرضها وقتها و لذلك ساشير الي نقطة وحيدة هنا ثم اعود لها في النهاية ، و أظن ان اغلب من يعرفني يعرف ادعائي بان الديانة البروتستنانية من وجهة نظر ليبرالية هي افضل من العقيدة الشيعية و الاطياف المسيحية الاخرى ( و لا اعني اهانة معتقد احد بالطبع انا اقوم هنا بالتحليل و ان وجد احدهم اني مخطء فليصحح لي )، ذلك ان البروتساتنية اساسا قامت للثورة على العقيدة المسيحية الكلاسيكية ، و طبعا البروتستانتية في رايي هي عقيدة وضعية شأنها شأن الشيوعية ، فواضع المذهب مارتن لوثر لم يكن نبيا –أو من مدعي النبوة لو حد ملحد بيقرا- وهي تأتي كحركة اصلاحية –ذهنية للمذهب المسيحي ، و ببساطة فان من تعديلاتها :
الإيمان بأن الكتاب المقدس فقط (وليس البابوات) هو مصدر المسيحية.
إجازة قراءة الكتاب المقدس لكل أحد، كما له الحق بفهمه دون الاعتماد في ذلك على فهم بابوات الكنيسة.
عدم الإيمان بـالأسفار الأبوكريفا السبعة.
عدم الاعتراف بسلطة البابا وحق الغفران وبعض عبادات وطقوس الكنيسة الكاثوليكية.
يعتبرون ان الخلاص لا ياتي بالاعمال الصالحة بل بالايمان بيسوع المسيح مخلصا وفاديا,اما الاعمال فانها واجبه بعد الخلاص (سولا فيدي).
لكل كنيسة بروتستانتية استقلالها التام.
يمنع البروتستانت الصلاة بلغة غير مفهومة كالسريانية والقبطية في الكنيسة، ويرونها واجبة باللغة التي يفهمها المصلون.
يرحب البروتستانت بزواج القسس ويرون انه ليس من الضروري ان يكون القس بتولا.
ويتفق البروتستانت مع الكاثوليك في انبثاق الروح القدس من الأب والابن كما يوافقونهم في أن للمسيح طبيعتين (إلهية وبشرية) ومشيئتين
وفي الواقع اننا نجد ان البروتستانية – شأنها شأن الإسلام في هذا – حاولت التعامل بواقعية شديدة مع المعتقد .
و طبعا يقتنع الشيعة بمبدأ ولاية الفقيه ، و هذا و إن كان قد افاد إيران مثلا في قيام الثورة الايرانية على يد اية الله الخميني ، و إن كان أفادها كذلك يوم كان الجانب العقيدي لاصلاحات الدكتور محمد مصدق الثورية كان اية الله كشاني ، و طبعا الامر قد يكون مفيد من الناحية الثورية كما نرى ( إذ ان من طبيعة الدين ان يقود البعض البعض الاخر بطريقة أسهل ) لكني هنا اتحدث من وجهة النظر الليبرالية
أما من ناحية العقيدة فإن هذا يأخذنا إلي منحى أخر تماما فالعقيدة الشيعية تعتبر افضل في رايي ذلك انها اعتقدت بالاله الواحد وهو غاية كل رسالة، التوحيد .( اعرف ان من المفترض هنا مناقشة قضية الجبرية لكني سؤجلها للنهاية )
يقول الاستاذ سيد قطب رحمه الله –بتصرف – إن عدم إحساس المسلمين انفسهم بما في أيديهم من قيمة ، يرجع لولادتهم مسليمن بالاساس فهو لم يرى الجاهلية ابدا ولم يعاشها و لذلك اقترح هو أن لا نبدأ بتعليم اولادنا القرآن ، بل يكون بداية التعليم هو تعليم الفلسفات المختلفة ، فحينما يرى الناس ما وصل إليه العالم من التيه و الركام –حسب تعبيره – سيدركون منفعة الاسلام
و الحقيقة أن ما وضعته من اعلى من ترتيب نظري للعقائد المعلومة بالنسبة لي ( الاسلام فالشيوعية فالبروتستانتية ) كان يعوذه دليل مادي و قد وجدته في قصة اسلام رجاء (روشيه ) جارودي و فيها التطور الذي ذكرته تماما بالاعلى :
في الثاني من يوليو عام 1982 أشهر جارودي إسلامه، وقبلها اعتنق البروتستانتية وهو في سن الرابعة عشرة، وانضم إلى صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي ، وفي عام 1945 انتخب نائبا في البرلمان ثم حصل على الدكتوراة في الفلسفة من جامعة السوربون عام 1953 وفي عام 1954 حصل على الدكتوراة في العلوم من موسكو . ثم انتخب عضوا في مجلس الشيوخ وفي عام 1970 اسس مركز الدراسات والبحوث الماركسية وبقي مديرا له لمدة عشر سنوات.

وبعد ذلك وعندما شرح الله صدره للإسلام تكونت لديه قناعة بأن الإسلام ليس مجرد دين يختلف عن بقية الأديان فحسب، بل إنه دين الله دين الفطرة التي خلق الله الناس عليها وهو يعني ان الإسلام هو الدين الحق منذ ان خلق الله آدم.. في هذه المرحلة اختلطت الكثير من القناعات لدى جارودي لكن بقي الإسلام القناعة الوحيدة الراسخة وظل يبحث عن النقطة التي يلتقي فيها الوجدان بالعقل، ويعتبر ان الإسلام مكنه بالفعل من بلوغ نقطة التوحيد بينهما ففي حين أن الأحداث تبدو ضبابية وتقوم على النمو الكمي والعنف، في حين يقوم القرآن الكريم على اعتبار الكون والبشرية وحدة واحدة.

يزعم العديد من الملحدين أن جارودي "قبض " ليدخل الاسلام و هو شئ من الكوميديا بما كان و سأورده بالاسفل في باب اخلاق الملحدين –تجريم الاخر - ، لكن مؤقتا هناك سؤال يطرح نفسه بشدة و هل ايضا قبض يوسف اسلام و محمد علي و كريم عبد الجبار و مالك شباز (تايسون ) ؟، إن خسارة تايسون لمباراة معناها ربحه اساسا ل30 مليون دولار فما بالك بمباراة يربحها ؟ هل يحتاج مثله لاموال ؟، السؤال لكل إنسان منصف محايد في الحكم بغض النظر عن ايدلوجيته ؟


و قد يقول قائل لكنك تبعث كلاما مرسل لا دليل عليه ،ما الذي يثبت تسلسل العقائد بالشكل الذي قلته غير اسلام شخص قد يكون ما اقنعه لا يقنع الاخرين، فكما ترى ان هناك منا من لم يقتنع بالاسلام بالكلية رغم خلفيته الاسلامية –وهو الامر الذي نوهت له في مقولة الاستاذ سيد قطب واحاول توضيحه طوال صفحات هذا البحث - ؟ كما أن هذا التقسيم لا علاقة له بالفكر الليبرالي العلماني مثلا ،وهو فكر يعتقد كثيرين أن فيه الخلاص وهو افضل من كل ما طرحته بالاعلى بالترتيب


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق