الخميس، 21 يناير 2010

ردا على ادعائات الملحدين 5


طبعا رغم اختلافي الجزئي مع الاستاذ لينين في بعض القضايا واختلافي الكلي معه في قضايا اخرى ، لكني, اوردت نصا ربما اختلف مع بعض ما جاء فيه كما اتضح فيما قبل و سيتضح فيما بعد من كلامي ، المهم هنا أني اتفق تماما مع ما قاله الاستاذ لينين و كما نرى فاغلب ادعائات الملحدين مثلا لا دليل عليها على الاطلاق و تتخذ العاطفة بدلا من العقل لدحضها، و من يرى اغلب ما ساكتب فسيجد اني اما اورد عليه احصائيات تابعة للامم المتحدة نفسها ، أو امثلة حية من الواقع لا نختلف عليها ،وفي رايي ان الاشكالية الدائمة لتكوين رأي-أي رأي – في موضوع تخضع للحقائق ، بمعنى اننا بداية يجب ان نجمع معلومات حقيقة عن موضوع ثم نناقشه طبقا لرؤية شاملة و ليس لرؤية ديماجوجية من قبل البعض
فإذا مثلا ناقشنا قضية بسيطة جدا : الاهلي احسن ام الزمالك ؟
ستجد ان كلا مشجعي الفريقين يردد كلام لا علاقة له بالواقع عن الادارة المحترمة في بعض الاحيان و عن الحكام و الحظ في احيان اخرى و هكذا
ببساطة و كزملكاوي اصيل من المفترض ان يكون رايي كهذا مثلا :
1- لا أنكر ان النادي الاهلي افضل مننا في كرة القدم ، لكن اسلوب لعب الاهلي التجاري في اغلب فتراته و و سيطرة الاهلي المطلقة على المسابقة بمساندة الاعلام و الجمهور و التحكيم-لو صادف و ووقف ضده اي ظروف – تكفل له الفوز الدائم بالمسابقة ، عوضا عن ان الزمالك في الكرة حاصل على نصف بطولات الاهلي و هو ما يعني انه منافس قوي ايضا ولا انفي عن نفسي اننا نجامل من قبل الحكام في بعض الاوقات لكن الاهلي فوق الجميع فلا تنسى هذا أي ان له اليد العليا فلو تمت مجاملة الزمالك مرة فالاهلي يجامل مثلها و اكثر
2- يتفوق الزمالك في العاب عديدة اخرى منها كرة السلة الذي لا يوجد مجال للمقارنة بين انجازات الفريقين التاريخية فيها
3- انا اساسا خارج من منزل رملكاوي ،عوضا عن كوني شخصية تهوى الاختلاف.
و هكذا يكون طبقا لما مضى مناقشة تتمتع بالعقلانية طبقا للحقائق و ليس طبقا للاهواء




.
المهم اني اورد باقي الاجزاء التي تدحض وجهة نظري:
أسوق المشهد التالي و المعبر عن نقد لينين لوضع الحريم في ذلك العصر :
(نسمع صوت برهان وهو يتنحنح و يبصق ، في الحال تظهر النسوة الاربعة و يقفن باستعداد ، يدخل برهان )
النسوة : يسعد مساك يا سيدي .
برهان : اخرسي يا ولية منك ليها .
(واحدة تخلع عنه العباءة ،واخرى تركع لتخلع الحذاء الخ )
برهان : الأكل يا غجر .(و تصيبه زغطة ) أنا جوعان
امرأة : جاهز و متحضر من زمان
(العبد يدخل بالصينية أمامه )
برهان : فتة أرز ولحم ضاني بالثوم و كوارع و بذنجان فقط ؟ أين القرع يا أولاد الكلاب ؟ و أين الجارية ؟
العبد :يظهر عليها عاصية .
برهان :و إيش وظيفتك يا عبد ؟ أدبها و هاتها .
العبد : أمرك يا سيدي (يشمر أكمامه و يتحرك بتحفز و معه عصا )
برهان : بسم الله الرحمن الرحيم (يهجم على الأكل بيديه بنهم )
النسوة : إن شاء الله الطبيخ يعجب سيدي
برهان : (يتلمظ بصوت مسموع و يردد بغمغات )
النسوة : مطرح ما يسري يمري ، بالهنا و الشفا .
برهان : الحقوني بالماء زوران (يشرب و يتجشأ بصوت عالي )
النسوة :صحة وعافية (واحدة تصب له ليغسل يديه و الأخرى تقدم له الفوطة ، أثناء ذلك نسمع صراخ امنة بالداخل )
برهان : عندو بقية الأكل اتعشوا بيه
النسوة :ما يصح ناكل في حضرتك يا سيد الكل
العبد :(يظهر دافعا امنة )خشي يا جارية
آمنة :(واقفة بانكسار ) أمرك يا سيدي
برهان :عفارم عليك يا مرجان .(لآمنة )عايز افرفش .غنيلي
(للنسوة )وانتوا انحطوا جنبي ..مين فيكم الدور عليها ؟
النسوة :أنا ..أنا يا سيدي
إلي اخر المشهد ، المهم ان بعد ذلك إبان دخول القوات الفرنسية إلي مصر و هو الشئ الذي شعر نادر بأنه واجبه الوطني –حتى كونه يحدث قبل أن يولد – و شعر برهان بأنه يحيي في زمن لابد ان يظل فيه من الطيقة الحاكمة مثلما كان في عصره الاول ، المهم أن نادر يقوم بتأليب بعض شيوخ الازهر و طلابه ومنهم الثلاثة حسن و طه و شعبان –طبعا نلاحظ دور الدين هنا الذي لم ينكره لينين – يقومون بالتوقف عن الوعظ و يشعلون المظاهرات لان الغليونجية ( الماسكين بسلاح البحر ) تشاجروا مع الناس و بلطجوا عليهم في الاسواق و لم يدفعوا لهم ثمن البضاعة ، يستدعي مراد بك كبيرهم لكنه يقوم بمحاولة لانقلاب على مراد فيتراجع مراد و يصرف شباب الازهر و يأمر بحبس نادر و يأمر برهان نفسه بتعذيبه !!!!
و بالطبع سيفرح اغلب الملحدين من نقدي للوضع ابان نهاية الدولة العثمانية و دولة المماليك ،و مجددا اقول اني لا انا و لا لينين اتينا بجديد فلقد كان الكل ثائر في ذلك الوقت و ما الحركات التي ظهرت على يد جمال الدين الافغاني وحركة السيد عمر مكرم بتأييد من علماء الدين لخلع خورشيد باشا إلا للدلاة على هذا و لما كان مصدر لينين الرئيسي في المسرحية كما بدا هو الجبرتي فلقد اثر ان يبين دور علماء الدين و الازهر حتى في الثورة على مراد بك في المسرحية انما كان تاثرا بما حدث في الواقع . وانتاقض اوضاع دولة العثمانيين و المماليك هو السبب اساسا في ظهور دعاوي الافغاني لمكافحة الاستبداد و الستعمار على حد السواء
المهم ننتقل إلي الجزء الاخر من المسرحية (عودة البكوات )، فبعد أن أثلجت صدر البعض بما أوردته للنين من نقده لعودة فكر السلفيين (وهو شئ يفعله اغلب الاسلاميين بالمناسبة و لنرى بعض الاجزاء من الجزء الثاني (عودة البكوات ))
حينما ذهب نادر وبرهان لما نعتقد انه المستقبل ، طبعا الواضح من كلام لينين في المقدمة انه يقصد العالم الغربي فكما نعلم اننا دائما نقول ان اوروبا متقدمة عنا بمائة عام و أمريكا بمئتين إلي أخر هذه الازمنة التي يرددها الناس دون دليل ،فلا مانع عندي من الترديد ، لكني اشكك في الارقام عموما طبقا لعملي فنحن متأخرين عن اليابان صناعيا بحوالي ستين عام فتطبيقهم لمجال الجودة يسبقنا بهذه المسافة و لكن يمكن اختصارها ببساطة لو صدقت نية البشر و أخذنا بالعلوم للاستفادة و اصبح لدينا فلسفتنا الخاصة ،لكن طبعا الزملاء تجدهم مبهورين بالخمرة و الزنا والعري، و كأن هذه هي التي ستؤدي لتقدمنا، مع ان التقدم معروف أنه مقترن بالعلم و العدل، و ليس بالخلع و القلع و الشرب !!
كان هذا حينما وصل البطلين إلي المستقبل
برهان :كله منك ،عاملي تقدمي و نفسك ف بكرة ،ادينا بقينا بكرة يا فالح ،قولهم بقى اننا بتوع امبارح .
نادر :انت اللي بتاع امبارح و طول عمرك رجعي .أيوة أنا من انصار المستقبل و ما فيش مبرر يخليني أخاف منه .بالعكس أنا متفائل


يضيف نادر بعد قليل : خلي بالك إذا كنت عرفت تتكيف مع الماضي لانك رجعي بطبيعتك ، المرة دي مش هينفع معاهم الكلام ده .
برهان :عندك حق ، لما رحنا الماضي كنا العور في بلد العميان ، دلوقتي بقينا احنا العميان و الطرشان كمان . بس اوعدني انت كمان ماتدخلش فيهم و تاخد المستقبل على علاته .
سنكتشف بعد قليل ان برهان و نادر كانا مخطئين فكالعادة سيستطيع برهان ان يتعامل مع الموقف و سيفشل نادر كالعادة

ردا على ادعائات الملحدين 4

كذلك في العمل الاخر نرى انه على عكس ما يدعي طارق و بعض الشباب الملحدين الاخرين من ان اللذة و السعادة تنتج مما يفعلوه، تستكمل قصتي من فضلك و احسانك و و قسمتي ونصيبي للاستاذ نجيب محفوظ ايضا في مجموعة رأيت فيما يرى النائم ، نفس الجو القاتم الذي يعيشه الوجودي الواضح في الرواية الماضية ، و القصتين جوهما ملئ بالقتامة و يولد لديك ذلك الشعور القوي بالعبثية كذلك، و ليس المجال هاهنا لمناقشتهما لكن أذكر جزء اخر من من فضلك و احسانك




و كانت لبطل القصة الذي يعمل كاتب للنيابة ، و لم يكن يجد اي هدف للحياة بناءا على تجاربه السابقة فلا هو ناجح في الحب ، الدراسة ، او حتى العمل فما هو الهدف من الحياة ؟


"وزودته أحلام اليقظة بوقود جديد بظهور متهمين معاصرين على المسرح و من ذوي العقائد الدينية ، و ذوي العقائد المادية ، أذهلته جرأتهم ، و استهانتهم بالعواقب ، و تحديهم التحقيق و المحقق . لأول مرة يتلقى تلك المبادئ كتجارب حية ممثلة في أحياء ، كحجج تفوح برائحة اللحم و الدم ، كشخصيات تستهين بكل غال ، فيم تختلف عن هؤلاء الشبان ؟! كيف افترقت الهويات و المصائر ؟! و ركب الخيال فجرد سيفه حينا ، و قبض على المطرقة حينا أخر ، و هام في وديان المجد المخمور ، هام طويلا حتى أدركه الزهاق و الممل و عاد يتسائل :- كيف استخلص نفسي من مستنقع التفاهة ؟!"


مرة اخرى نجد نفس الغبطة لذوي العقائد سواء المادية أو الدينية ، و هو نفس الخط الماضي لكن ضف له كذلك الخط العبثي الذي عاش فيه الشاب الذي جعله يتسائل في اخر القصة بعد ان نجح أباه بعد طول انتظار في الظفر له بعقد عمل في الخليج "من فضلك و احسانك دلني على سبب للحياة "-الكلام بطريقة غير مباشرة موجه للخالق سبحانه و تعالى






و لنلقي نظرة على الفكرة الرئيسية الاخرى التي يركز عليها الملحدين بشدة ( الحرية المطلقة للفرد ) ، وتعتبر أساس تفكير اغلبهم كما سأوضح فيما بعد ،و كذلك نقد نظرية تطور الانسان إلي عقل التي يدعيها الملحدين والتي أدعي عن نفسي انها تحول الانسان إلي ماكينة كل أهدافها هي قضاء شهواتها في الحياة(الأكل –الشرب – الجنس –وحتى العمل ) لكنها تنتزع تماما من الإنسان جزئه الروحي ،و أيضا ساوضح في النهاية أن حتى العقل الذي يدعي الملحدين أنهم ابنائه، هو ليس اباهم بالضرورة ربما العقل الاستعمالي لكنه ابدا ليس عقلا نقديا ( سأتوسع في هذين المفهومين لاحقا )






و هذه المرة سأناقش الأطروحة من خلال مسرحيتي لينين الرملي أهلا يا بكوات و وداعا يا بكوات


بداية أورد ما كتبه لينين في مقدمة مسرحيته


ما زلت اذكر تلك اللحظة كأنها بالأمس .


كانت التيارات السلفية قد قتلت الرئيس السادات منذ أقل من عام و كانت توقعات البعض أن هذه مجرد البداية ، و كنت أقيم لثلاثة أشهر في الاسكندرية حيث تعرض مسرحيتي "أنت حر " . أقيم وحيدا في شقة مرتفعة تطل على شاطئ البحر . كان الوقت غروبا و كنت مكتئبا ،و لا عجب فاليوم كان يوم ميلادي ! و هكذا تضافرت كل الأسباب لكي تدفع بسحب الهواجس كي تمطر فجأة ،وفي دقيقتين تحولت إلي فكرة واضحة كسطوع الشمس يلتهب بها رأسي محملا بإحساس قوي يجيش بها صدري فأكاد ألهث من شدة وطأته .قفزت إلي مائدة الطعام و كتبت أعلى الصفحة كعادتي تاريخ اليوم 18 أغسطس 1982 . و في دقيقتين دونت الفكرة في صفحة واحدة عن شخص يجد نفسه بطريقة غير مفهومة و قد سقط في بئر الماضي و يضطر في البداية إلي أن يخفي حقيقته ، ثم لم يلبث أن يجد نفسه مدفوعا إلي نقل ما يعرفه عن المستقبل للناس لكي يعملوا على تغييره إلي الأفضل لكنهم لا يصدقونه .


و سرعان ما سجلت بعد السطور ( بئر الماضي هذا هو إسم المسرحية !)


ثم بعد بضع فقرات يضيف : كل هذه الأسئلة و غيرها لم تدر بفكري ساعتها . لكني أعتقد أن الدافع العام وهو رؤيتي لزحف التيارات السلفية على مجتمعنا لا يكفي وحده دافعا لكتابة مسرحية بكل ما يعنيه ذلك من معاناة ! و إنما لابد أن يجتمع الدافع العام مع حاجتك النفسية


و يضيف عن مقدمة الجزء الثاني (وداعا يا بكوات ) :


في اهلا يا بكوات عاد الزمن بالبطلين قرنين إلي الوراء فوجدا نفسهما في عصر المماليك ، ولم يفلح وعيهما بالحاضر في تغيير الماضي بل أضناهما ذلك الوعي و مزقهما نصفين .


وقال البعض الين اعجبتهم المسرحية أن ذهاب الإثنين إلي الماضي يصور الرده الفكرية التي حدثت لمجتمعنا .و ان البكوات هم الذين عادوا إلي حياتنا فلم نملك إلا أن نقول لهم اهلا ..و كنت أرى ان بطليها توهما –مثلنا جميعا –اننا نعيش في الحاضر حتى افاقا على الحقيقة و هي اننا لم نخرج من جب الماضي بعد لكي نعود إليه !


و في ( وداعا يا بكوات ) يذهب البطلان إلي المستقبل بعد ثلاثة قرون .


وقد يسارع البعض فيعتقد أن المسرحية ترسم صورة المستقبل و ان البكوات هذه المرة يذهبون بلا رجعة فلا نملك إلا أن نقول لهم وداعا ..


لكني أظن – وقد اكون مخطئا – ان المسرحية لا تعرض شكل الحياة في المستقبل .


فلا يمكن لخيالي ان يقفز هذه القفزة الواسعة إلي المجهول . و لست مغرورا إلي حد يجعلني احاول ان اتكهن او اتنبأ بزمن لم يولد بعد .


بل هي مسرحية تتحدث عن الحاضر .


و الحاضر الذي اتيح للبطلين هذه المرة أن يسافرا إليه فيلمحا بعض انواره و ظلاله و يمرا على تخومه و يعيشان على ضفافه وقتا اشبه بأطياف حلم غامض غريب و عندما أفاقا أدركا انه لم يكن حلما و ان ذلك الحاضر جاء و مر بنا فلم يعرفنا و لم نعرفه


و باختصار في هذه المسرحية اروي حلما عن الحاضر ..


حلما لا اتمناه .. و لكني أخشى أن أفيق منه على الواقع .و لا أعرف لنفسي زمنا اخر اعيش فيه !






بالطبع تتضح رؤية الكاتب من خلال المقدمتين ، فكما انتقد لينين السلفية انتقد بالمثل التقدم الاوروبي و هو ما يتضح في أجزاء التشابه في المسرحييتن(و أنا لا أختلف عنه في هذا ابدا )


و المسرحيتين يتحدثان عن بطلين – نادر غريب المصري و برهان عبد الغني ( طبعا دلالات الاسماء واضحة كعادة لينين ) ، يتمتع دكتور برهان بشخصية نفعية برجماتية لأبعد الحدود ،وهو المتوقع من عالم مثله حصل على أعلى شهاداته من الولايات المتحدة ،واصل إلي أعلى المناصب في مصر ،ويتمتع باتصلات بشخصيات مهمة ، فيما يتمتع نادر بشخصية مثالية تصل لحد البلاهة وهو مدرس للرسم في المدرسة التي كان طالبا بها ( أم الصابرين الثانوية )-مرة اخرى دلالة الاسم واضحة – وعموما و لكي لا اغرق في تحليل المسرحيتين ، اجمل النقطة المتعلقة بالحرية و المرأة و الإنسان


في المسرحية الأولى – أهلا يا بكوات – يفشل نادر في الاندماج في عصر المماليك و يحاول تنبيه قومه –المصريين في زمن مراد بك - إلي الخطر القادم – الحملة الفرنسية – لكن الأوضاع كانت اسوء من ان يتحكم فيها و جل ما فعله هو تقليبه و تطويره –من وجهة نظر الكاتب – لبعض طلاب الازهر الشريف –الذي اراد لينين أن يوضح انهم الأمثل لهذا التغيير لتعلمهم أما باقي المجتمع فمقسم بين منتفعين (عبر عنهم لينين بشخصيات ثلاثة الاغا و يمثل السلطة التنفيذية و الشيخ و يمثل السلطة الدينينة و التاجر و يمثل سلطة المال ) و بين بعض المتخلفين ،و أرى ان أورد المشهد المعبر عن رغبة كل منهم في التغيير ففي الوقت الذي يحاول فيه برهان كسب أكبر تأييد له في المجتمع و جني أكبر مكسب شخصي يحاول نادر إصلاح المجتمع طبقا لرؤيته :


إظلام قصير :


(نادر جالس مع أصحابه في ناحية ،وبرهان و أصحابه في ناحية أخرى )


نادر : هيه يا جماعة ، إيه رأيكم في الكتب اللي وزعتها عليكم ؟


حسن : إسمعوا إحنا غير راضيين عن أحوالنا .


نادر : عظيم


حسن : لكن الحلول إللي قريناها جريئة زيادة عن اللزوم ,


نادر : كل جديد يبقى مستغرب في أوله لحد ما نتعوده .


طه : لكن أنا مختلف مع الأفكار اللي في الكتب دي .


نادر :وأنا أرحب بالنقاش .إتفضل قول رأيك .


برهان : رأيي إنه أن الاوان للنهوض و إصلاح الاحوال


التاجر :والله كلامك عال العال


الشيخ : أي نعم ، يجب تبصير الناس بالحرام و الحلال .


برهان :ولذلك بعد عمل الاستخارة و سؤال النجوم و أخذ الفال ، انتويت بإذن الواحد المتعال ، تكوين شركة برهان لتوظيف الأموال .


طه : خد عندك كمان ، كتاب اللي إسمه قاسم أمين ..يا ساتر ..قولي بالله كيف يتساوى الحريم بالرجال ؟


آمنة : (تظهر بصينية عند المدخل ) القرفة يا نادر .


نادر : هاتيها يا آمنة ... تعالي ،دول أصحاب ...


آمنة : (تدخل مرتبكة قليلا ) يسعد مساكم


الثلاثة : (يرتبكون و ينظرون في الأرض) )


نادر : اقعدي ، احضري المناقشة معانا ..كمل كلامك يا طه ..


طه ( يتلعثم ) أنا ..أنا كنت بقول إيه ؟


الأغا : كثير من الخلايق محوشين فلوسهم تحت البلاطة .مهما صادرناهم أو ضربناهم ما بنعرف مطرح مخبوءاتهم


برهان :المطلوب منك يا جناب الاغا تطنش عليهم في حالة ما يحطو فلوسهم عندنا .


التاجر : و إزاي يحطو فلوسهم معانا بالتراضي ؟


الشيخ : يا سلام ؟!الله سبحانه و تعالى حرم اكتناز المال .


برهان : بالضبط .هذا دورك يا مولانا ..الدعاية و الإعلان و الفتوى ..


شجعهم على إيداع أموالهم لدينا و دع الباقي علينا .


الشيخ :الشرط أن يكون لي في الشركة عشرة الميه


آمنة : حضرتك تنكر إن الإسلام كرم المرأة و أعطاها حقوقها ؟


طه : لا ما انكرش


آمنة :و إن الستات هما امهاتكم و اخواتكم و بناتكم و زوجاتكم


أمنة :و إن المراة ممكن لو اتعلمت و اشتغلت تكون زيكم و احسن منكم ؟


طه : هذا صحيح ،لكن الكلام شئ والواقع العملي شئ تاني ..


امنة :وايه قيمة الكلام إن ما كنش يبقى فعل ؟ولا هو نفاق و بس ؟ اتقوا الله ..


طه )ينظر لها مبهوتا بينما يضحك الجميع ).


نادر : يعني سكت يا عم طه ؟


شعبان :ما ترد يا أخي .


طه : أنا ..أنا ما اتعودتش أتناقش مع حريم


حسن :صلي على النبي ، تلاقيك انت اللي بتسمع كلام حريمك في البيت ..


التاجر : لكن أنهي تجارة ممكن تعطي الناس الأرباح الوفيرة إللي بتكلم عنها !


الأغا : دا ما يهم الان . المهم نتلايم ع الفلوس الأول و بعدين نبقى نفكر ،و إن اتزنقنا نبقى نلبس طاقية ده لده


الشيخ : و طالما نيتكم كدة ..يبقى الثروة هتزيد لأن البركة هتطرح فيها


برهان : عموما أرى استبدال هذه الأموال بعملة فرانسة ، فالطالع يقول إن قيمتها هتشطح في العالي


الشيخ: يبقى على بركة الله


شعبان : يا إخوانا ، لازم نقر إننا منكفئين على نفسنا والعالم بيتغير من حوالينا


حسن : يعني بدك ناخد بالبدع بتاعة الفرنجة و الغرب ؟


نادر :مافيش حاجة اسمها حضارة الغرب ، فيه حضارة انسانية ساهم فيها الكل ، الفرس و الروم و العرب و اهل الهند و الصين ، حضارة ممتدة من ايام ما ابتداها قدماء المصريين .


حسن : والله معاك الحق .. بس ديننا و عادتنا و أخلاقنا ..


آمنة : (مقاطعة ) و إيه دخل دا كله في العلم ، المسألة ببساطة مطلوب نفرق دايما بين كلام العلم و كلام الخرافة ..نتحقق من أي شئ نسمعه أو نشوفه و نجمع عنه بيانات صحيحة و نختبره بالتجربة العلمية عشان نعرف صحته من خطأه


نادر : (لطه الذي سرح يتأمل آمنة ) واخد بالك يا عم طه ..عم طه ؟ إنت رحت فين ؟

الأربعاء، 20 يناير 2010

ردا على ادعائات الملحدين 2


3-الشيوعيون : و أنا أحترم كل من يعتنق الايدلوجية الشيوعية بلا تصنع ، و إذا كنت في البداية ذكرت أن في كل التيارات نسبة الاشخاص العميقة لا تتعدى 10 او 15 % ، فاعتقد انها في الشيوعية تكثر عن هذه النسبة ربما تصل إلي 20 او 25 % مثلا ، و الحقيقة أني أجد بأفكار الشيوعيين نسبة عالية من الانسانية و ربما- نظريا- تتفوق في بعض المناحي على الاسلام ذاته ، , إن كانت في رايي تقضي على الفروق الفردية ، كما انها لا تتعامل بواقعية ، و يوجد كثير من الدكتاتورية في تطبيقها في اكثر من نموذج ( الاتحاد السوفيتي ، الصين ، كوبا ) ، لكن يبقى أن المفهوم ذاته مفهوم إنساني عميق في رايي ، يعمل على الاخاء و المساواة (ولو نظريا ) و الحقيقة أن اغلب من قابلتهم من الشيوعيون كانوا مغتمين بالواقع الحياتي للإنسان العربي فعلا ، يعتبرون اسرائيل كيان عنصري محتل ، صحيح أني كنت أجد لديهم بعض الثغرات من حيث اعتبار الولايات المتحدة فقط كيان امبريالي ( و كأن الاتحاد السوفيتي لم يكن ) ، لكن في النهاية انها تشترك مع الاسلام في اوجه كثيرة و الناظر بعين الدقة لحكم الخليفة عمر بن الخطاب يجد انه حكم اشتراكي ، كما ان الصدام الحادث بعد ذلك بين علي كرم الله وجه و معاوية ابن ابي سفيان ، يجد انه كان صداما بين الاسلام بفهومه الثوري المنحاذ للفقراء ( إذ أن علي نفسه كان فقيرا ) و بين الاسلام الامبراطوري من ناحية ، و للاسف فإن انتصار ابوسفيان في رايي اضر الامة الاسلامية اكثر ما افادها، و نزع عن الاسلام اكثر الرسائل المبكرة جاء بها كالديموقراطية و الشهادةو المساواة و احترام الاقليات و ان ظلت هذه الرسائل موجودة لكن بشكل غير واضح
ولكن من الغريب حقا أني لم أجد أحد ابدا يعترض على كون النظام الشيوعي يعتمد على نظام الحزب الاوحد ( الحزب الشيوعي ) ، في حين أن التهم دائما ما توجه للاسلام برفضه التعددية على الرغم من ظهور فرق كثيرة داخله نفسها ، و ليس أدل على هذا من الخلاف الحادث بين الامام احمد و بين المعتزلة حين غلب الخليفة المأمون بعض المعتزلة على الإمام احمد .
و كذلك فإن إدعائات الكثيرين بأن الإسلام دين انتشر بالعنف و السيف تبدوا لي مضحكة حينما نقارنها بتبجيل البعض للشي جيفارا ( و أنا أحترمه جدا بالمناسبة ) ، لمناضلته ضد الامبريالية الامريكية ( لا أفهم ما سر تدخل امريكا التي من المؤكد ان كثيرين هنا يهيمون بها و يتخذونها كنموذج مبهر في شئون كوبا و التي أرسلت من أجلها عملاء من السي اي ايه لمعاونة باتيستا ضد الثوار ، النموذجين لا يدينون بدين بالمناسبة –أو على الأقل منبع تصرفاتهما- ، و كذلك اغلب الصهاينة الان )
بالمناسبة الشيوعية ليست ضد الدين بالمعنى المفهوم ،و لي اكثر من صديق شيوعي و ارائه الدينية سنية اسلامية مثلا و يعضهم الاخر مسيحي ديانة فعلا ، و إذا أخذنا مقولة ماركس المعروفة :المعاناة الدينية هي في نفس الوقت ،التعبير عن المعاناة الحقيقة و الثورة ضد المعاناة الحقيقية ،الدين هو اهة المخلوقات المضطهدة ،هو قلب عالم لا قلب له ،و روح شروط لا روحية ،هي افيون الشعوب
و لا أظن أن المقولة بها من الذم للدين اكثر مما بها من المدح ،و في كليتها هي مقولة مبهمة تحليلية و في رايي لا تدل على ان قائلها ضد الدين من الأساس.
و لذلك فاظن ان طارق لو كان قد كتب ان الشيوعية هي دين الانسانية اعتقد ان الامر كان سيكون اقرب للهضم من ترك الأمر على المشاع هكذا .
و كنت أود أن أؤجل عرض هذه النقطة في نقطة –مفاهيم منقوصة للدين الاسلامي ، لكني أجد أن القارئ سيفقد الصلة بهذه النقطة عند عرضها وقتها و لذلك ساشير الي نقطة وحيدة هنا ثم اعود لها في النهاية ، و أظن ان اغلب من يعرفني يعرف ادعائي بان الديانة البروتستنانية من وجهة نظر ليبرالية هي افضل من العقيدة الشيعية و الاطياف المسيحية الاخرى ( و لا اعني اهانة معتقد احد بالطبع انا اقوم هنا بالتحليل و ان وجد احدهم اني مخطء فليصحح لي )، ذلك ان البروتساتنية اساسا قامت للثورة على العقيدة المسيحية الكلاسيكية ، و طبعا البروتستانتية في رايي هي عقيدة وضعية شأنها شأن الشيوعية ، فواضع المذهب مارتن لوثر لم يكن نبيا –أو من مدعي النبوة لو حد ملحد بيقرا- وهي تأتي كحركة اصلاحية –ذهنية للمذهب المسيحي ، و ببساطة فان من تعديلاتها :
الإيمان بأن الكتاب المقدس فقط (وليس البابوات) هو مصدر المسيحية.
إجازة قراءة الكتاب المقدس لكل أحد، كما له الحق بفهمه دون الاعتماد في ذلك على فهم بابوات الكنيسة.
عدم الإيمان بـالأسفار الأبوكريفا السبعة.
عدم الاعتراف بسلطة البابا وحق الغفران وبعض عبادات وطقوس الكنيسة الكاثوليكية.
يعتبرون ان الخلاص لا ياتي بالاعمال الصالحة بل بالايمان بيسوع المسيح مخلصا وفاديا,اما الاعمال فانها واجبه بعد الخلاص (سولا فيدي).
لكل كنيسة بروتستانتية استقلالها التام.
يمنع البروتستانت الصلاة بلغة غير مفهومة كالسريانية والقبطية في الكنيسة، ويرونها واجبة باللغة التي يفهمها المصلون.
يرحب البروتستانت بزواج القسس ويرون انه ليس من الضروري ان يكون القس بتولا.
ويتفق البروتستانت مع الكاثوليك في انبثاق الروح القدس من الأب والابن كما يوافقونهم في أن للمسيح طبيعتين (إلهية وبشرية) ومشيئتين
وفي الواقع اننا نجد ان البروتستانية – شأنها شأن الإسلام في هذا – حاولت التعامل بواقعية شديدة مع المعتقد .
و طبعا يقتنع الشيعة بمبدأ ولاية الفقيه ، و هذا و إن كان قد افاد إيران مثلا في قيام الثورة الايرانية على يد اية الله الخميني ، و إن كان أفادها كذلك يوم كان الجانب العقيدي لاصلاحات الدكتور محمد مصدق الثورية كان اية الله كشاني ، و طبعا الامر قد يكون مفيد من الناحية الثورية كما نرى ( إذ ان من طبيعة الدين ان يقود البعض البعض الاخر بطريقة أسهل ) لكني هنا اتحدث من وجهة النظر الليبرالية
أما من ناحية العقيدة فإن هذا يأخذنا إلي منحى أخر تماما فالعقيدة الشيعية تعتبر افضل في رايي ذلك انها اعتقدت بالاله الواحد وهو غاية كل رسالة، التوحيد .( اعرف ان من المفترض هنا مناقشة قضية الجبرية لكني سؤجلها للنهاية )
يقول الاستاذ سيد قطب رحمه الله –بتصرف – إن عدم إحساس المسلمين انفسهم بما في أيديهم من قيمة ، يرجع لولادتهم مسليمن بالاساس فهو لم يرى الجاهلية ابدا ولم يعاشها و لذلك اقترح هو أن لا نبدأ بتعليم اولادنا القرآن ، بل يكون بداية التعليم هو تعليم الفلسفات المختلفة ، فحينما يرى الناس ما وصل إليه العالم من التيه و الركام –حسب تعبيره – سيدركون منفعة الاسلام
و الحقيقة أن ما وضعته من اعلى من ترتيب نظري للعقائد المعلومة بالنسبة لي ( الاسلام فالشيوعية فالبروتستانتية ) كان يعوذه دليل مادي و قد وجدته في قصة اسلام رجاء (روشيه ) جارودي و فيها التطور الذي ذكرته تماما بالاعلى :
في الثاني من يوليو عام 1982 أشهر جارودي إسلامه، وقبلها اعتنق البروتستانتية وهو في سن الرابعة عشرة، وانضم إلى صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي ، وفي عام 1945 انتخب نائبا في البرلمان ثم حصل على الدكتوراة في الفلسفة من جامعة السوربون عام 1953 وفي عام 1954 حصل على الدكتوراة في العلوم من موسكو . ثم انتخب عضوا في مجلس الشيوخ وفي عام 1970 اسس مركز الدراسات والبحوث الماركسية وبقي مديرا له لمدة عشر سنوات.

وبعد ذلك وعندما شرح الله صدره للإسلام تكونت لديه قناعة بأن الإسلام ليس مجرد دين يختلف عن بقية الأديان فحسب، بل إنه دين الله دين الفطرة التي خلق الله الناس عليها وهو يعني ان الإسلام هو الدين الحق منذ ان خلق الله آدم.. في هذه المرحلة اختلطت الكثير من القناعات لدى جارودي لكن بقي الإسلام القناعة الوحيدة الراسخة وظل يبحث عن النقطة التي يلتقي فيها الوجدان بالعقل، ويعتبر ان الإسلام مكنه بالفعل من بلوغ نقطة التوحيد بينهما ففي حين أن الأحداث تبدو ضبابية وتقوم على النمو الكمي والعنف، في حين يقوم القرآن الكريم على اعتبار الكون والبشرية وحدة واحدة.

يزعم العديد من الملحدين أن جارودي "قبض " ليدخل الاسلام و هو شئ من الكوميديا بما كان و سأورده بالاسفل في باب اخلاق الملحدين –تجريم الاخر - ، لكن مؤقتا هناك سؤال يطرح نفسه بشدة و هل ايضا قبض يوسف اسلام و محمد علي و كريم عبد الجبار و مالك شباز (تايسون ) ؟، إن خسارة تايسون لمباراة معناها ربحه اساسا ل30 مليون دولار فما بالك بمباراة يربحها ؟ هل يحتاج مثله لاموال ؟، السؤال لكل إنسان منصف محايد في الحكم بغض النظر عن ايدلوجيته ؟


و قد يقول قائل لكنك تبعث كلاما مرسل لا دليل عليه ،ما الذي يثبت تسلسل العقائد بالشكل الذي قلته غير اسلام شخص قد يكون ما اقنعه لا يقنع الاخرين، فكما ترى ان هناك منا من لم يقتنع بالاسلام بالكلية رغم خلفيته الاسلامية –وهو الامر الذي نوهت له في مقولة الاستاذ سيد قطب واحاول توضيحه طوال صفحات هذا البحث - ؟ كما أن هذا التقسيم لا علاقة له بالفكر الليبرالي العلماني مثلا ،وهو فكر يعتقد كثيرين أن فيه الخلاص وهو افضل من كل ما طرحته بالاعلى بالترتيب


ردا على ادعائات الملحدين 3

و قد يقول قائل لكنك تبعث كلاما مرسل لا دليل عليه ،ما الذي يثبت تسلسل العقائد بالشكل الذي قلته غير اسلام شخص قد يكون ما اقنعه لا يقنع الاخرين، فكما ترى ان هناك منا من لم يقتنع بالاسلام بالكلية رغم خلفيته الاسلامية –وهو الامر الذي نوهت له في مقولة الاستاذ سيد قطب واحاول توضيحه طوال صفحات هذا البحث - ؟ كما أن هذا التقسيم لا علاقة له بالفكر الليبرالي العلماني مثلا ،وهو فكر يعتقد كثيرين أن فيه الخلاص وهو افضل من كل ما طرحته بالاعلى بالترتيب و انا ارى ان مناقشة بعض الاعمال الادبية –و لاحقا سأقوم بعرض بعض الحقائق و الامثلة لدحض وجهة نظري ، ستوضح الامر،و الاعمال الادبية التي سأحلل منها بعض الأجزاء على الترتيب هي لأدباء تقدميين أعتنق بعضهم الوجودية لفترة (الأستاذ نجيب محفوظ )و الذي سأضع له قصة الثلاثية و قصة من مجموعة رأيت فيما يرى النائم ،وهما قصتين كتبهما الاستاذ نجيب محفوظ في فترة اعتناقه الوجودية حسب علمي و هو ما ستوضحه السطور على اي حال ، كما نتناول ثلاث اعمال للاستاذ لينين الرملي المؤلف المسرحي الشهير و الذي حاز شأنه شأن نجيب على تكريم في أكثر من بلد اوروبي أخرها جائزة كلاوس الهولندية ،والاعمال هي اهلا يا بكوات و وداعا يا بكوات و الهمجي و ننهي هذا بجزء من رواية من كلاسيكيات الادب العالمي لتولستوي- أنا كارنينا- ، و بالطبع لن اقوم بوضع تحليل كامل للعمل بل فقط سأضع الجزء الذي يهمنا بالمناقشة على أن أنزل لو شاء البعض المقال التحليلي بشكل منفصل لو احب البعض و نتناوال بداية الثلاثية : الثلاثية تقوم على محورين فهي كرواية اجيال تقوم على الدراونية التي اعتقد بها نجيب في ذلك الوقت ، و كما اعتنق الفكر الوجودي ايضا و من المعروف ان في بدايات كل من نجيب و توفيق الحكيم كانوا جد متأثرين بالفلسفة الوجودية ، الامر الذي نكص عنه اغلب مفكرينا المعروفين و رجعوا عن افكارهم تلك ، فتوفيق الحكيم كتب التعادلية و الاسلام ( كتاب رائع انصح الجميع بقرأته ) ، و كتب طه حسين – اتهم في بدايته بالالحاد – الوعد الحق ، و كتب العقاد – الليبرالي – الكتب الاسلامية من ضمنها العبقريات ، اما اكبر تغيير فطال سيد قطب – تلميذ العقاد و احد النقاد الليبرالين المعروفين – فتحول الي منافيستو الاسلام السياسي و انضم لجماعة الاخوان المسلمين في اخر اعوامه ، و يوجد الان العديدن من انصاره المعروفين بالقطبيين – و لا اخفي اني احد معجبيه – اما نجيب فاورد له هذه الكلمات مع الاستاذ محمد سلماوي في كتاب وطني مصر(حوار ات مع الاستاذ نجيب محفوظ اجراها الأستاذ محمد سلماوي ) : إذن فالفارق بين الفلسفة و الدين هو الايمان بوجود الله؟ : فقال مبتسما و هل هذا فارق بسيط ؟ .. إن الذي يخلق المبادئ بعقله قد يتشكك فيها ، قد يقول لنفسه ما الذي يلزمني بهذا ؟.. و لماذا أضحي بلذتي و سعادتي السريعة ، و كافة الفوائد الاخرى من اجل بضعة افكار ؟ .. لكن حين تكون المبادئ مستوحاة من الاله صاحب الكون و خالق الناس ، يكون لها معنى اخر ثم يضيف : الله هو الذي يعطي للقيم معناها .. الله هو الذي يعطي الوجود معناه .. بدونه لا معنى للوجود ..لا معنى للقيم ..و بديله هو العبث .. اللا معنى و نعود مرة اخرى للثلاثية فاقول ان نجيب اخذ دور كمال بطل الرواية و التي تبدأ به طفلا و تنتهي به في ال44 من عمره ، و طوال القصة يغرقنا كمال في جو كفكاوي قاتم للغاية ، و رغم ممارسة كمال للكتابة و ممارسته للجنس عقب تركه للحبيبته ، فإنه لم يجد أي سعادة طوال القصة و ظل على قلقه الذي صدره للقارئ ، و الحقيقة ان اعمق الافكار في رايي ، و التي كانت سبب عدم اقدام كمال على الزواج من الفتاة هو التناقض الواضح و البديهي (و الذي لم اجد ملحد واحد يدافع عنه حتى لحظتي هذه هم فقط يروجون للحب لكن بلا فضيلة ،ولو كانوا صادقين لروجوا لحب بعيد عن الحيوانية كما يدعون ) ، بين الحب الافلاطوني من جانب – و بين الزواج من جانب ، كانت المونولجات الخاصة بكمال طوال القصة تتناول حبه لعايدة –حبيبته- و التي كانت تمثل له اله من الالهة ، و بين الارتباط الجنسي الذي به حيوانية شديدة ، و لذة تعذيب الاخر بالنسبة للرجل او ما يطلق عليه السادذم ، و بالفعل يفشل كمال في تخطي هذا الحاجز المتناقض و حينما يصارح عايدة بحبه ، تسأله : ثم ماذا بعد أن تحبني ؟ فيجيبها : أحبك ! ، فكما نرى لا يستطيع هضم فكرة ارتباطه بالكيان الذي احبه و بجله كل هذا التبيجيل ، وفي حوار اخر مع اسماعيل لطيف –صديقه – يقول : إن المحبين لا يتزوجون ،( من جديد نجد التناقض المنطقي بين الزواج و الحب ، الاول بوجود الجنس كعامل مؤثر و محرك فيه و الاخر كنموذج لحب عذري للجمال من ناحية ) ، و حينما تتزوج عايدة من صديق كمال يقف بجانب منزلها ، و يسأل صديقه اسماعيل لطيف عن ما تراه يحدثو قد يقول قائل لكنك تبعث كلاما مرسل لا دليل عليه ،ما الذي يثبت تسلسل العقائد بالشكل الذي قلته غير اسلام شخص قد يكون ما اقنعه لا يقنع الاخرين، فكما ترى ان هناك منا من لم يقتنع بالاسلام بالكلية رغم خلفيته الاسلامية –وهو الامر الذي نوهت له في مقولة الاستاذ سيد قطب واحاول توضيحه طوال صفحات هذا البحث - ؟ كما أن هذا التقسيم لا علاقة له بالفكر الليبرالي العلماني مثلا ،وهو فكر يعتقد كثيرين أن فيه الخلاص وهو افضل من كل ما طرحته بالاعلى بالترتيب و انا ارى ان مناقشة بعض الاعمال الادبية –و لاحقا سأقوم بعرض بعض الحقائق و الامثلة لدحض وجهة نظري ، ستوضح الامر،و الاعمال الادبية التي سأحلل منها بعض الأجزاء على الترتيب هي لأدباء تقدميين أعتنق بعضهم الوجودية لفترة (الأستاذ نجيب محفوظ )و الذي سأضع له قصة الثلاثية و قصة من مجموعة رأيت فيما يرى النائم ،وهما قصتين كتبهما الاستاذ نجيب محفوظ في فترة اعتناقه الوجودية حسب علمي و هو ما ستوضحه السطور على اي حال ، كما نتناول ثلاث اعمال للاستاذ لينين الرملي المؤلف المسرحي الشهير و الذي حاز شأنه شأن نجيب على تكريم في أكثر من بلد اوروبي أخرها جائزة كلاوس الهولندية ،والاعمال هي اهلا يا بكوات و وداعا يا بكوات و الهمجي و ننهي هذا بجزء من رواية من كلاسيكيات الادب العالمي لتولستوي- أنا كارنينا- ، و بالطبع لن اقوم بوضع تحليل كامل للعمل بل فقط سأضع الجزء الذي يهمنا بالمناقشة على أن أنزل لو شاء البعض المقال التحليلي بشكل منفصل لو احب البعض و نتناوال بداية الثلاثية : الثلاثية تقوم على محورين فهي كرواية اجيال تقوم على الدراونية التي اعتقد بها نجيب في ذلك الوقت ، و كما اعتنق الفكر الوجودي ايضا و من المعروف ان في بدايات كل من نجيب و توفيق الحكيم كانوا جد متأثرين بالفلسفة الوجودية ، الامر الذي نكص عنه اغلب مفكرينا المعروفين و رجعوا عن افكارهم تلك ، فتوفيق الحكيم كتب التعادلية و الاسلام ( كتاب رائع انصح الجميع بقرأته ) ، و كتب طه حسين – اتهم في بدايته بالالحاد – الوعد الحق ، و كتب العقاد – الليبرالي – الكتب الاسلامية من ضمنها العبقريات ، اما اكبر تغيير فطال سيد قطب – تلميذ العقاد و احد النقاد الليبرالين المعروفين – فتحول الي منافيستو الاسلام السياسي و انضم لجماعة الاخوان المسلمين في اخر اعوامه ، و يوجد الان العديدن من انصاره المعروفين بالقطبيين – و لا اخفي اني احد معجبيه – اما نجيب فاورد له هذه الكلمات مع الاستاذ محمد سلماوي في كتاب وطني مصر(حوار ات مع الاستاذ نجيب محفوظ اجراها الأستاذ محمد سلماوي ) : إذن فالفارق بين الفلسفة و الدين هو الايمان بوجود الله؟ : فقال مبتسما و هل هذا فارق بسيط ؟ .. إن الذي يخلق المبادئ بعقله قد يتشكك فيها ، قد يقول لنفسه ما الذي يلزمني بهذا ؟.. و لماذا أضحي بلذتي و سعادتي السريعة ، و كافة الفوائد الاخرى من اجل بضعة افكار ؟ .. لكن حين تكون المبادئ مستوحاة من الاله صاحب الكون و خالق الناس ، يكون لها معنى اخر ثم يضيف : الله هو الذي يعطي للقيم معناها .. الله هو الذي يعطي الوجود معناه .. بدونه لا معنى للوجود ..لا معنى للقيم ..و بديله هو العبث .. اللا معنى و نعود مرة اخرى للثلاثية فاقول ان نجيب اخذ دور كمال بطل الرواية و التي تبدأ به طفلا و تنتهي به في ال44 من عمره ، و طوال القصة يغرقنا كمال في جو كفكاوي قاتم للغاية ، و رغم ممارسة كمال للكتابة و ممارسته للجنس عقب تركه للحبيبته ، فإنه لم يجد أي سعادة طوال القصة و ظل على قلقه الذي صدره للقارئ ، و الحقيقة ان اعمق الافكار في رايي ، و التي كانت سبب عدم اقدام كمال على الزواج من الفتاة هو التناقض الواضح و البديهي (و الذي لم اجد ملحد واحد يدافع عنه حتى لحظتي هذه هم فقط يروجون للحب لكن بلا فضيلة ،ولو كانوا صادقين لروجوا لحب بعيد عن الحيوانية كما يدعون ) ، بين الحب الافلاطوني من جانب – و بين الزواج من جانب ، كانت المونولجات الخاصة بكمال طوال القصة تتناول حبه لعايدة –حبيبته- و التي كانت تمثل له اله من الالهة ، و بين الارتباط الجنسي الذي به حيوانية شديدة ، و لذة تعذيب الاخر بالنسبة للرجل او ما يطلق عليه السادذم ، و بالفعل يفشل كمال في تخطي هذا الحاجز المتناقض و حينما يصارح عايدة بحبه ، تسأله : ثم ماذا بعد أن تحبني ؟ فيجيبها : أحبك ! ، فكما نرى لا يستطيع هضم فكرة ارتباطه بالكيان الذي احبه و بجله كل هذا التبيجيل ، وفي حوار اخر مع اسماعيل لطيف –صديقه – يقول : إن المحبين لا يتزوجون ،( من جديد نجد التناقض المنطقي بين الزواج و الحب ، الاول بوجود الجنس كعامل مؤثر و محرك فيه و الاخر كنموذج لحب عذري للجمال من ناحية ) ، و حينما تتزوج عايدة من صديق كمال يقف بجانب منزلها ، و يسأل صديقه اسماعيل لطيف عن ما تراه يحدث الان ؟ ، ثم يسأله السؤال المنطقي : أترى أن أحدا يحب أحدا ،فيفعل فيه هذا ؟ ، و بالطبع كانت قصر الشوق في رايي هي اعمق الروايات التي قرأتها عن الحب في حياتي ، و عبرت بدقة عن روح نجيب الرقيقة ، بعد ذلك يتجه كمال للكفر و يبدأ في ممارسة الجنس ، يعيش كمال حياة بها بعض المجون و الثقافة لكنه لا يستطيع طوال الرواية أخذ اي موقف و بتحليل الرواية تبعا للنظرية الدارونية ، نجد أن كمال هو نموذج متطور من أخيه الأكبر الشهيد فهمي ، الشاب المثقف المتدين طالب المحاماة الذي استشهد على يد القوات البريطانية المحتلة في نهاية الجزء الاول ، لم يكن فهمي يملك ثقافة محددة او تيار فكري محدد ، كان طالبا في كلية الحقوق ، مثالي لحد بعيد جدا ، لكن دون محرك ثقافي ايدلوجي ( إن جاز لنا التعبير ) و يأخذ نفس الخط كمال، فهو حامل لواء الثقافة في العائلة –والرواية – بعد أخيه ، ورغم كفر كمال بكل شئ تقريبا الا انه لم يستطع ان يكفر بالوطنية ، ورغم استيائه في الرواية من حزب الوفد في الثلاثينات الا انه ظل بقلبه مع الوفد وان لم يأخذ اي موقف محدد طوال فترة كفره هذه بعد ذلك نأتي لشخصيتان ، ابنتا اخت كمال ( احمد و عبد المنعم ) ، الشقيقان اللذان ورثا جزءا كبيرا من المثالية في افعالهم من والدتهم شبه الامية ( خديجة ) و التي هي الاخرى كانت نموذج اكثر تطورا وفقا لوجهة نظر نجيب من امينة ( الانثى المستسلمة للسيد أحمد ) و وقد حاول نجيب طوال القصة ابراز التناقض في شخصية خديجة فرغم شراستها البادية الا انها كانت طيبة و حقانية ، و هو نموذج اظن كان مقصودا من نجيب ( الذي بالمناسبة كان على تعلق حقيقي بوالدته في الواقع) إذ كان يرى اهمية وجود شخصية قوية للمراة لكنها في نفس الوقت سيدة منزل ماهرة و ربة رشيدة ، المهم ان احمد يتشكل ليكون شاب شيوعي فيما يصير عبد المنعم من الاخوان المسلمين ( الحركة الصاعدة في تلك الحقبة ) ، و رغم ما كتب كثيرا عن بغض نجيب للاخوان و ربطوه بتمثيله لسيد قطب في المرايا بشخصية أديب برجماتي ذكي ، فعلى العكس كان بادي المدح لعبد المنعم في القصة ،والذي حاول إظهار جزء شهوانيته الفطرية و التي مثلت ارتباطه بفتاة من الجيران وهو في الرابعة عشر لكنه و بدافع الدين يجبر نفسه على الزواج مبكرا ، لكن جل تركيزه في الجزء الثالث ( السكرية ) كان على أحمد ، وهو من كان يعتبره نموذج متطور منه ، و في رايي فإن أحمد و كمال كانا اعمق شخصيتان بالرواية ، و كان هناك نوع من الصداقة بينهما و الحقيقة ان نجيب – و بالتالي كمال – كان له حسد خاص لأحمد ، فقد فعل كل ما لم يجروء كمال على فعله ،و ينقلنا هذا بدوره لمحور الحب في القصة ، ففهمي الذي احب فتاة من طبقته تكبره في السن بعامين و استسلم لرغبة ابيه الذي امره بالا يخطبها و هو يدرس – و لم يبين في القصه هل رغب له في زيجة افضل له ام لا ؟ ، بينما احب كمال عايدة بلا هدف للارتباط ( كانت عايدة تكبره بعامين ايضا و من طبقة اجتماعية ثرية ) ، لم يستطع الارتباط بها كما اوضحت سلفا ، و ظل كلا الشخصين فهمي و كمال متألما للحادثتين ، أحدهما لتزوج حبيبته ، أما الاخر –فهمي –فقد اكتشف ان مريم فتاة لعوب ، و مات فهمي وهو عند وجهة النظر هذه فيما لم يتمكن كمال من تخطي حاجز حبه الاسطوري لعايدة و في النهاية احب اختها الصغرى-بدور- لكنه لم يستطع الزواج منها ايضا رغم افتقار اسرتها في ذلك الوقت ، اما احمد ورغم انه احب زميلة له في الجامعة –علوية -، وكان ارتباطه بها ارتباط عاطفي افلاطوني بحت فهي من ناحية بيضاء جميلة ، و من ناحية اخرى راقية نظرا لوضع اجتماعي متميز ،ووجد أحمد -على عكس سلفيه - في نفسه الشجاعة والواقعية أن يطلبها للزواج و الارتباط ، و رفضت بأدب طبقا لمنطق عقلي بحت له علاقة بقدرة أحمد على تحمل اعباء الزواج بشكل لائق رغم انه كان ميسور الحال ، تخطى احمد هذه المحنة العاطفية سريعا و سرعان ما ارتبط بأبنة مطبعجي تعمل معه في نفس الجريدة (و تكبره كذلك باربعة اعوام و غير جميلة حسبما رأتها أمه ) و رغم اعتراض اهله على ذلك فاحمد – بثورية متوقعة – يواجهم و يتزوجها بل و يقطن ذات البيت . سجن أحمد في نهاية القصة مع شقيقه بعد مداهمة الشرطة لمنزلهما بحجة حيازة المنشورات ، و يزورهما خالهما في السجن و يغبطهما مرة اخرى فكل منهما يملك عقيدة يدافع عنها و يسجن من أجلها- احداهما دينية و الاخرى مادية - و في رأيه انها اعلى قيمة الانسانية – وهو رايي ايضا – و أظن أني قد اوضحت ما اريد اعتبر نجيب نفسه –حتى في ذلك الوقت – وجود إنسان يحمل ايدلوجية هو النموذج الأكثر تطورا من النموذج الوجودي ، قد يكون هناك ميزة للوجودية من وجهة نظره بالعمل و هي انفتاحه على التيارات المختلفة وعدم وقوفه عند حد للتفكير في مقالاته مثللا ، لكن ظلت المشكلة تؤرقه فرغم ذلك فإبني أختيه و خصوصا أحمد الشيوعي المثقف قادرين على اتخاذ مواقف و التأثير أكثر منه تبعا لايلوجيتهما الان ؟ ، ثم يسأله السؤال المنطقي : أترى أن أحدا يحب أحدا ،فيفعل فيه هذا ؟ ، و بالطبع كانت قصر الشوق في رايي هي اعمق الروايات التي قرأتها عن الحب في حياتي ، و عبرت بدقة عن روح نجيب الرقيقة ، بعد ذلك يتجه كمال للكفر و يبدأ في ممارسة الجنس ، يعيش كمال حياة بها بعض المجون و الثقافة لكنه لا يستطيع طوال الرواية أخذ اي موقف و بتحليل الرواية تبعا للنظرية الدارونية ، نجد أن كمال هو نموذج متطور من أخيه الأكبر الشهيد فهمي ، الشاب المثقف المتدين طالب المحاماة الذي استشهد على يد القوات البريطانية المحتلة في نهاية الجزء الاول ، لم يكن فهمي يملك ثقافة محددة او تيار فكري محدد ، كان طالبا في كلية الحقوق ، مثالي لحد بعيد جدا ، لكن دون محرك ثقافي ايدلوجي ( إن جاز لنا التعبير ) و يأخذ نفس الخط كمال، فهو حامل لواء الثقافة في العائلة –والرواية – بعد أخيه ، ورغم كفر كمال بكل شئ تقريبا الا انه لم يستطع ان يكفر بالوطنية ، ورغم استيائه في الرواية من حزب الوفد في الثلاثينات الا انه ظل بقلبه مع الوفد وان لم يأخذ اي موقف محدد طوال فترة كفره هذه بعد ذلك نأتي لشخصيتان ، ابنتا اخت كمال ( احمد و عبد المنعم ) ، الشقيقان اللذان ورثا جزءا كبيرا من المثالية في افعالهم من والدتهم شبه الامية ( خديجة ) و التي هي الاخرى كانت نموذج اكثر تطورا وفقا لوجهة نظر نجيب من امينة ( الانثى المستسلمة للسيد أحمد ) و وقد حاول نجيب طوال القصة ابراز التناقض في شخصية خديجة فرغم شراستها البادية الا انها كانت طيبة و حقانية ، و هو نموذج اظن كان مقصودا من نجيب ( الذي بالمناسبة كان على تعلق حقيقي بوالدته في الواقع) إذ كان يرى اهمية وجود شخصية قوية للمراة لكنها في نفس الوقت سيدة منزل ماهرة و ربة رشيدة ، المهم ان احمد يتشكل ليكون شاب شيوعي فيما يصير عبد المنعم من الاخوان المسلمين ( الحركة الصاعدة في تلك الحقبة ) ، و رغم ما كتب كثيرا عن بغض نجيب للاخوان و ربطوه بتمثيله لسيد قطب في المرايا بشخصية أديب برجماتي ذكي ، فعلى العكس كان بادي المدح لعبد المنعم في القصة ،والذي حاول إظهار جزء شهوانيته الفطرية و التي مثلت ارتباطه بفتاة من الجيران وهو في الرابعة عشر لكنه و بدافع الدين يجبر نفسه على الزواج مبكرا ، لكن جل تركيزه في الجزء الثالث ( السكرية ) كان على أحمد ، وهو من كان يعتبره نموذج متطور منه ، و في رايي فإن أحمد و كمال كانا اعمق شخصيتان بالرواية ، و كان هناك نوع من الصداقة بينهما و الحقيقة ان نجيب – و بالتالي كمال – كان له حسد خاص لأحمد ، فقد فعل كل ما لم يجروء كمال على فعله ،و ينقلنا هذا بدوره لمحور الحب في القصة ، ففهمي الذي احب فتاة من طبقته تكبره في السن بعامين و استسلم لرغبة ابيه الذي امره بالا يخطبها و هو يدرس – و لم يبين في القصه هل رغب له في زيجة افضل له ام لا ؟ ، بينما احب كمال عايدة بلا هدف للارتباط ( كانت عايدة تكبره بعامين ايضا و من طبقة اجتماعية ثرية ) ، لم يستطع الارتباط بها كما اوضحت سلفا ، و ظل كلا الشخصين فهمي و كمال متألما للحادثتين ، أحدهما لتزوج حبيبته ، أما الاخر –فهمي –فقد اكتشف ان مريم فتاة لعوب ، و مات فهمي وهو عند وجهة النظر هذه فيما لم يتمكن كمال من تخطي حاجز حبه الاسطوري لعايدة و في النهاية احب اختها الصغرى-بدور- لكنه لم يستطع الزواج منها ايضا رغم افتقار اسرتها في ذلك الوقت ، اما احمد ورغم انه احب زميلة له في الجامعة –علوية -، وكان ارتباطه بها ارتباط عاطفي افلاطوني بحت فهي من ناحية بيضاء جميلة ، و من ناحية اخرى راقية نظرا لوضع اجتماعي متميز ،ووجد أحمد -على عكس سلفيه - في نفسه الشجاعة والواقعية أن يطلبها للزواج و الارتباط ، و رفضت بأدب طبقا لمنطق عقلي بحت له علاقة بقدرة أحمد على تحمل اعباء الزواج بشكل لائق رغم انه كان ميسور الحال ، تخطى احمد هذه المحنة العاطفية سريعا و سرعان ما ارتبط بأبنة مطبعجي تعمل معه في نفس الجريدة (و تكبره كذلك باربعة اعوام و غير جميلة حسبما رأتها أمه ) و رغم اعتراض اهله على ذلك فاحمد – بثورية متوقعة – يواجهم و يتزوجها بل و يقطن ذات البيت . سجن أحمد في نهاية القصة مع شقيقه بعد مداهمة الشرطة لمنزلهما بحجة حيازة المنشورات ، و يزورهما خالهما في السجن و يغبطهما مرة اخرى فكل منهما يملك عقيدة يدافع عنها و يسجن من أجلها- احداهما دينية و الاخرى مادية - و في رأيه انها اعلى قيمة الانسانية – وهو رايي ايضا – و أظن أني قد اوضحت ما اريد اعتبر نجيب نفسه –حتى في ذلك الوقت – وجود إنسان يحمل ايدلوجية هو النموذج الأكثر تطورا من النموذج الوجودي ، قد يكون هناك ميزة للوجودية من وجهة نظره بالعمل و هي انفتاحه على التيارات المختلفة وعدم وقوفه عند حد للتفكير في مقالاته مثللا ، لكن ظلت المشكلة تؤرقه فرغم ذلك فإبني أختيه و خصوصا أحمد الشيوعي المثقف قادرين على اتخاذ مواقف و التأثير أكثر منه تبعا لايلوجيتهما

ردا على ادعائات الملحدين 1

مقدمة :
كنت أنوي أن يكون هذا العمل- هو باكورة اعمالي الادبية المنشورة بعد عامين من الان إن شاء الرحمن ، لكني وجدت أن المد الفكري الالحادي من جانب ، العلماني من جانب، الغربي من جانب ، يتصيد العديد من الاصدقاء و الشخصيات التي عضضت عليها شفتيي من فرط الغضب على فقدانهم ، ووجدت حملات شرسة من قبل بعض الملحدين على بعض الشباب المسلم الوديع الذي لم يعتد الحوار لبعد المجتمع المصري عن الديموقراطية ، الامر الذي جعلني ابادر بكتابة هذه الصفحات لعلها تفيد البعض
و كنت أنوي ان يكون العنوان في الأساس – مائة سؤال يوجههم لك ملحد أو علماني عربي –، لكني في هذا البحث وجهت أغلبه تجاه الملحدين فقط ، وأنا أعرف يقينا أن كثيرا من العلمانيين ربما يفوق خوفهم على الاسلام خوفي عليه ، لكني أبدا لم استطع حل اشكالية تضاد النظام الاسلامي حتى من حيث الشعائر مع النظام العلماني ،و أنا عن نفسي أجد ان التضاد بين العلمانية و اي دين بل و الاخلاق ذاتها لا تسعنا من ان نقيمها في أي مجتمع ، و سأحاول خلال هذا البحث إيضاح هذه النقطة ،و ذلك لعلمي ان العلمانية قد تتسم بالمثالية للوهلة الأولى لكن في الحقيقة أن العلمانية كنظام شأنها شان أي نظام اخر – ومنها النظام الاسلامي ففي النهاية مطبقي النظام الاسلامي بشر ايضا وهم يخطئون – له مميزاته و عيوبه و ليس مثاليا كما يدعي البعض ،بل إنه يخرج أسوء ما في الإنسان حيوانيته و برجماتيته وهو ما سأوضحه في البحث
و لا ازعم أني سأتي بالجديد ،و رغم محاولة بعدي عن معسكر الاسلاميين (الأخوان المسلمين ) في البحث إلا انني لم استطع الخروج خارج نطاق افكار منظريهم أو بادئي حركات الاسلام السياسي ( جمال الدين الافغاني – محمد عبده – محمد رشيد رضا – حسن البنا – محمد الغزالي –يوسف القرضاوي-محمد عمارة ) مع حفظ الالقاب طبعا ، و كذلك المختلفين مع هذا التيار من ناحية الطريقة لكنهم في نفس الصنف في النهاية بشكل من الاشكال ( سيد قطب – عبد الوهاب المسيري ) ، و قد يكون في هذا البحث بعض الرؤى الشخصية لي لكنه في النهاية لن يزيد عن محاولة-جديدة- لكسر صنم أوروبا و امريكا المتولد داخل كثيرين و إيضاح الدين الإسلامي الذي أحاول تطبيقه في معاملاتي عن نفسي و لا أجد فيه أي دعوة للردة أو التخلف
و أحب ان انوه ان فترة العامين هي الفترة التي كنت احتاجها للبحث و القرأة و تمرير الفكرة في رأسي بشكل اعمق ، لكني اضررت اضطررا لوضع بعض الافكار دون بحث قوي لكني اجد ايضا انها ستكون ذا عون لأني اجد ان الافكار المضادة من الضحالة بان تهدم حتى دون تفكير في بعض الوقت
وربما سيكون الاختلاف الوحيد في هذا البحث ، هو في الطريقة ذاتها، فالبحث يعتمد طراز الهجوم أكثر من الدفاع ، ذلك اني أجد اني غير مضطر للدفاع عن الاسلام من الاساس قدر الايضاح للاخرين العيوب الواضحة في النظم الاخرى التي زعموا انها افضل ، و ذلك ببساطة لأن اغلب الناس إذا ما ترددت مقولة ما في الافق لفترة طويلة فإنهم سرعان ما يعتقدون فيها دون تمحيص و يشمل هذه المقولات في رأيي مقولات من عينة ( العلمانية هي الحل ، الديموقراطية هي الحل و اضيف لهم الإسلام هو الحل !!) فكل قائل لهذه المقولات لم يحدد بدقة المشكلة لكي يقول لنا الحل و هو أمر من الشائع أيضا ترديده و قد يقول لي أحدهم و : و ما الحل يا برم ؟ فاقول له دعنا نحدد المشكلة بشكل دقيق و سنقوم على اساسها بتحديد الحل .
الجيزة في 9 ديسمبر 2009
كانت البداية بقرأة احد النوتس لزميل ملحد – طارق دوكنز – ويدعى الالحاد دين الانسانية و كان مشاهدة النوت فقط فوق مستوى احتمالي من حيث ضحالة الطرح أو موافقة البعض على طريقة المداحين للعرض
وقد كان هذا يثير اعصابي –و ماازال - عند إطلاعي على الاراء المخالفة الراديكالية الديماجوجية ، و الحقيقة أن من قرأتي لونت طارق و مشاركاته عموما أجد فيه شأنه شأن أخرين الكثير من العنصرية ، و هي منتشرة في أوساط الملحدين (و لا أعني كلهم بالطبع ) و سأقوم بعرض وجهة نظري باستفاضة و أرجو أن يتسع صدر ووفت القارئ لي قليلا
بداية أحب أن أقيم العنوان الإلحاد دين الإنسانية
و الواقع أني أجد هذا العنوان قمة في العنصرية من البداية و كما يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله في كتابه في الادب و الفكر : و الانماط الادراكية العنصرية هي أنماط أختزالية تبسيطية ، تعبر عن كسل من يستخدمها ، فهي تختزل الاخر في كلمة او كلمتين ، و في صورة تبسيطية و في صورة مجازية أكثر بساطة ، فالاخر غشاش ، و لا يمكن الثقة فيه ،و العالم سيصبح مكانا جميلا فردوسيا رائعا لو اختفى منه هذا الاخر ، فالاخر هو الجحيم و هو مصدر كل التعاسة
و لا اعني هنا كمسلم أدعي الإلتزام أو ممن يطلق عليهم سياسيا الاسلاميين، لا أنفي التهمة عن شريحة كبيرة من الإسلاميين و القوميين و غيرهم ،ففي رايي ان العنصرية تاتي من السطحية بالاساس و في رايي ان العميق من الناس في اي بيئة حوالي 10% تزيد هذه النسبة و تنقص لكنها بحدود لا تزيد عن 10 % أخرى
و أحب أن أقسم عنوان الموضوع إلي ثلاث أقسام ، و لنا أن نقيم تجربة ألحاد كل من هو موجود هنا و أعرف أن الغالبية هاهنا ملحدة
في رايي يمكن تقسيم الملحدين الذين قابلتهم في مصر خصوصا و العرب عموما سواء على النت أو على أرض الواقع إلي اقسام ثلاثة (التقسيم تقسيم ذاتي و عمدت الابتعاد عن مفهوم الالحاد الايجابي و الالحاد السلبي أو أي من التقسيمات الاخرى، كما تجاهلت الدخول في الاتجاهات الاخرى كالالوهيين و من سواهم ):
1- وجوديين
2- لا أدريين
3- شيوعيين

بالنسبة للقسم الأول فأنا أعتقد أنه المكون الرئيسي لاغلب من قابلتهم ( من الملحدين )سواء على الأرض أو على النت هو الفكر الوجودي ، و إن كنت أظن أن الامر جاء اعتباطا فأنا لم أجد أحدهم يعلي قيمة سارتر مثلا أو يمجد مقولاته ،أو كريكارد بالمثل ، بل على عكس وجدت الاغلبية تعلي من قيمة ريتشارد ديكونز ، و داروين ، و تدعي استعمالها العقل و أننا في عصر العلم إلي أخر هذا الكلام ، الأمر الذي ساحاول بعد قليل اثبات انه غير صحيح اطلاقا بقليل من المجهود الذهني .
فإذا نظرنا للموسوعة الحرة وجدنا في وصف الوجودية
ويبدأ فهم معنى الوجود بالدخول بالتجربة الوجودية الفردية الداخلية وبمعايشة الواقع وجدانيا أكثر منه عقليا ثم يبرز اكتشاف المعاني الأساسية في الوجود الإنساني العدم أو الفناء أو الموت وخطيئة ،الوحدة واليأس وعبثية ثم القلق الوجودي ثم قيمة الحياة أو الوجود ثم معناه الصادق الملتزم بإحترام القيم الإنسانية الخالصة وحقوقه وحرياته . وقد يتجه القلق الوجودي بالفرد إلى ثلاث انماط من الناس ، رجل’ جمـال ، ورجل’ أخلاق ، ورجل دين : أ. رجل الجمال : هو الذي يعيش للمتعة واللذة ويسرف فيها ، وشعاره ( تمتع بيومك ) ( أحب ما لن تراه مرتين ) ولا زواج عند هذا الرجل ولا صداقة ، والمرأة عنده أداة للغزو وليست غاية . ب. رجل الأخلاق : وهو الذي يعيش تحت لواء المسؤولية والواجب نحو المجتمـع والدولة والإنسـانية ، ولذلك فهو يؤمن بالزواج ولكن لا علاقة له بدين أو غيره . جـ. رجل الدين : وهو عندهم لا يحيا في الزمان ، فلا صبح ولا مساء، ( ليس عند ربكم صباح ومساء ) ولهذا فهو متجرد عن الدنيا ، وأحواله في الجملة هي تلك الأحوال المعروفة عند الصوفية . وقد تقع هذه الأنواع والصنوف لرجل واحد فيتدرج من المرحلة الجمالية إلى المرحلة الساخرة ، وهذه تؤدي إلى مرحلة الأخلاق التي تسلمه بدورها إلى العبث ومن العبث يبلغ المرحلة الدينية ،
ووجدنا ايضا ان من المأخذ على الوجودية في الموسوعة التالي :
معظم هذا الكلام خاطئ لانه عكس تفكير سارتر الحقيقى ننقل هنا بعض الفصل السادس من كتاب (رمضان لاوند) (وجودية ووجوديون) للاطلاع على بعض المآخذ التي أخذت على (سارتر) وان حاول ردها في كتاب (الوجودية مذهب إنساني) لكن الحقيقة أن نقول: مطالعة كتاب سارتر تعطي اعترافه ـ ولو بعض الاعتراف بهذه المآخذ ـ والأستاذ (لاوند) وان ذكر في نفس هذا الفصل مقتطفات من ردود (سارتر) لكن المطالعة المستوعبة لكتب سارتر تعطي دليلاً على صحة جملة من الإيرادات…
كما أن كثيراً من الوجوديين في (باريس) و(بيروت) وغيرهما أعطوا أدلة حية على صدق المآخذ.
واليك ما ذكره (لاوند) في الفصل المذكور:
- دعوة الوجودية إلى الخمول، ودفعها إلى اليأس.
-تقوية الروح الفردية الحالمة، التي تبتعد عن المجتمع ومشاكله الراهنة.
-استحالة تحقيق أي إنتاج ذي طابع اجتماعي عام.
- اكتفاء الوجودية بتصوير مظاهر الحياة الحقيرة:من جبن وفسق وضعف وميوعة، ونسيانها مظاهر الحياة الآملة القوية التي تؤمن بمستقبل عظيم
- الوجودية لا تؤمن بالتعاون الاجتماعي.
- تنكر الوجودية لفكرة الله، وتنكرها للقيم الالهية، وخلوها من مواقف جدية إنسانية في الحياة.
- الوجودية أداة للتفسخ الاجتماعي لأنها تحول دون أن يصدر أي من الناس حكماً على تصرفات الآخرين، بحيث يكون كل فرد عالماً قائماً بذاته في مجتمع يحتاج إلى التعاون، والانضواء الجماعي والمسؤولية المشتركة المتبادلة.

2- اللا أدرية : وهم قليلون و الواقع أن عدم جزم هؤلاء بشئ يضعهم في رايي في مرتبة أفضل ، فهم ليس بعنصرية الصنف الأول و يتمتعوا بقدرات جيدة للتواصل مع الأخر ، و لكن أعتقد أن اعتناق المذهب ذاته يؤدي إلي نفس النتائج السابقة من حيث انعدام القدرة على اتخاذ موقف نتيجة لعدم وجود اعتقاد .