الأربعاء، 20 يناير 2010

ردا على ادعائات الملحدين 3

و قد يقول قائل لكنك تبعث كلاما مرسل لا دليل عليه ،ما الذي يثبت تسلسل العقائد بالشكل الذي قلته غير اسلام شخص قد يكون ما اقنعه لا يقنع الاخرين، فكما ترى ان هناك منا من لم يقتنع بالاسلام بالكلية رغم خلفيته الاسلامية –وهو الامر الذي نوهت له في مقولة الاستاذ سيد قطب واحاول توضيحه طوال صفحات هذا البحث - ؟ كما أن هذا التقسيم لا علاقة له بالفكر الليبرالي العلماني مثلا ،وهو فكر يعتقد كثيرين أن فيه الخلاص وهو افضل من كل ما طرحته بالاعلى بالترتيب و انا ارى ان مناقشة بعض الاعمال الادبية –و لاحقا سأقوم بعرض بعض الحقائق و الامثلة لدحض وجهة نظري ، ستوضح الامر،و الاعمال الادبية التي سأحلل منها بعض الأجزاء على الترتيب هي لأدباء تقدميين أعتنق بعضهم الوجودية لفترة (الأستاذ نجيب محفوظ )و الذي سأضع له قصة الثلاثية و قصة من مجموعة رأيت فيما يرى النائم ،وهما قصتين كتبهما الاستاذ نجيب محفوظ في فترة اعتناقه الوجودية حسب علمي و هو ما ستوضحه السطور على اي حال ، كما نتناول ثلاث اعمال للاستاذ لينين الرملي المؤلف المسرحي الشهير و الذي حاز شأنه شأن نجيب على تكريم في أكثر من بلد اوروبي أخرها جائزة كلاوس الهولندية ،والاعمال هي اهلا يا بكوات و وداعا يا بكوات و الهمجي و ننهي هذا بجزء من رواية من كلاسيكيات الادب العالمي لتولستوي- أنا كارنينا- ، و بالطبع لن اقوم بوضع تحليل كامل للعمل بل فقط سأضع الجزء الذي يهمنا بالمناقشة على أن أنزل لو شاء البعض المقال التحليلي بشكل منفصل لو احب البعض و نتناوال بداية الثلاثية : الثلاثية تقوم على محورين فهي كرواية اجيال تقوم على الدراونية التي اعتقد بها نجيب في ذلك الوقت ، و كما اعتنق الفكر الوجودي ايضا و من المعروف ان في بدايات كل من نجيب و توفيق الحكيم كانوا جد متأثرين بالفلسفة الوجودية ، الامر الذي نكص عنه اغلب مفكرينا المعروفين و رجعوا عن افكارهم تلك ، فتوفيق الحكيم كتب التعادلية و الاسلام ( كتاب رائع انصح الجميع بقرأته ) ، و كتب طه حسين – اتهم في بدايته بالالحاد – الوعد الحق ، و كتب العقاد – الليبرالي – الكتب الاسلامية من ضمنها العبقريات ، اما اكبر تغيير فطال سيد قطب – تلميذ العقاد و احد النقاد الليبرالين المعروفين – فتحول الي منافيستو الاسلام السياسي و انضم لجماعة الاخوان المسلمين في اخر اعوامه ، و يوجد الان العديدن من انصاره المعروفين بالقطبيين – و لا اخفي اني احد معجبيه – اما نجيب فاورد له هذه الكلمات مع الاستاذ محمد سلماوي في كتاب وطني مصر(حوار ات مع الاستاذ نجيب محفوظ اجراها الأستاذ محمد سلماوي ) : إذن فالفارق بين الفلسفة و الدين هو الايمان بوجود الله؟ : فقال مبتسما و هل هذا فارق بسيط ؟ .. إن الذي يخلق المبادئ بعقله قد يتشكك فيها ، قد يقول لنفسه ما الذي يلزمني بهذا ؟.. و لماذا أضحي بلذتي و سعادتي السريعة ، و كافة الفوائد الاخرى من اجل بضعة افكار ؟ .. لكن حين تكون المبادئ مستوحاة من الاله صاحب الكون و خالق الناس ، يكون لها معنى اخر ثم يضيف : الله هو الذي يعطي للقيم معناها .. الله هو الذي يعطي الوجود معناه .. بدونه لا معنى للوجود ..لا معنى للقيم ..و بديله هو العبث .. اللا معنى و نعود مرة اخرى للثلاثية فاقول ان نجيب اخذ دور كمال بطل الرواية و التي تبدأ به طفلا و تنتهي به في ال44 من عمره ، و طوال القصة يغرقنا كمال في جو كفكاوي قاتم للغاية ، و رغم ممارسة كمال للكتابة و ممارسته للجنس عقب تركه للحبيبته ، فإنه لم يجد أي سعادة طوال القصة و ظل على قلقه الذي صدره للقارئ ، و الحقيقة ان اعمق الافكار في رايي ، و التي كانت سبب عدم اقدام كمال على الزواج من الفتاة هو التناقض الواضح و البديهي (و الذي لم اجد ملحد واحد يدافع عنه حتى لحظتي هذه هم فقط يروجون للحب لكن بلا فضيلة ،ولو كانوا صادقين لروجوا لحب بعيد عن الحيوانية كما يدعون ) ، بين الحب الافلاطوني من جانب – و بين الزواج من جانب ، كانت المونولجات الخاصة بكمال طوال القصة تتناول حبه لعايدة –حبيبته- و التي كانت تمثل له اله من الالهة ، و بين الارتباط الجنسي الذي به حيوانية شديدة ، و لذة تعذيب الاخر بالنسبة للرجل او ما يطلق عليه السادذم ، و بالفعل يفشل كمال في تخطي هذا الحاجز المتناقض و حينما يصارح عايدة بحبه ، تسأله : ثم ماذا بعد أن تحبني ؟ فيجيبها : أحبك ! ، فكما نرى لا يستطيع هضم فكرة ارتباطه بالكيان الذي احبه و بجله كل هذا التبيجيل ، وفي حوار اخر مع اسماعيل لطيف –صديقه – يقول : إن المحبين لا يتزوجون ،( من جديد نجد التناقض المنطقي بين الزواج و الحب ، الاول بوجود الجنس كعامل مؤثر و محرك فيه و الاخر كنموذج لحب عذري للجمال من ناحية ) ، و حينما تتزوج عايدة من صديق كمال يقف بجانب منزلها ، و يسأل صديقه اسماعيل لطيف عن ما تراه يحدثو قد يقول قائل لكنك تبعث كلاما مرسل لا دليل عليه ،ما الذي يثبت تسلسل العقائد بالشكل الذي قلته غير اسلام شخص قد يكون ما اقنعه لا يقنع الاخرين، فكما ترى ان هناك منا من لم يقتنع بالاسلام بالكلية رغم خلفيته الاسلامية –وهو الامر الذي نوهت له في مقولة الاستاذ سيد قطب واحاول توضيحه طوال صفحات هذا البحث - ؟ كما أن هذا التقسيم لا علاقة له بالفكر الليبرالي العلماني مثلا ،وهو فكر يعتقد كثيرين أن فيه الخلاص وهو افضل من كل ما طرحته بالاعلى بالترتيب و انا ارى ان مناقشة بعض الاعمال الادبية –و لاحقا سأقوم بعرض بعض الحقائق و الامثلة لدحض وجهة نظري ، ستوضح الامر،و الاعمال الادبية التي سأحلل منها بعض الأجزاء على الترتيب هي لأدباء تقدميين أعتنق بعضهم الوجودية لفترة (الأستاذ نجيب محفوظ )و الذي سأضع له قصة الثلاثية و قصة من مجموعة رأيت فيما يرى النائم ،وهما قصتين كتبهما الاستاذ نجيب محفوظ في فترة اعتناقه الوجودية حسب علمي و هو ما ستوضحه السطور على اي حال ، كما نتناول ثلاث اعمال للاستاذ لينين الرملي المؤلف المسرحي الشهير و الذي حاز شأنه شأن نجيب على تكريم في أكثر من بلد اوروبي أخرها جائزة كلاوس الهولندية ،والاعمال هي اهلا يا بكوات و وداعا يا بكوات و الهمجي و ننهي هذا بجزء من رواية من كلاسيكيات الادب العالمي لتولستوي- أنا كارنينا- ، و بالطبع لن اقوم بوضع تحليل كامل للعمل بل فقط سأضع الجزء الذي يهمنا بالمناقشة على أن أنزل لو شاء البعض المقال التحليلي بشكل منفصل لو احب البعض و نتناوال بداية الثلاثية : الثلاثية تقوم على محورين فهي كرواية اجيال تقوم على الدراونية التي اعتقد بها نجيب في ذلك الوقت ، و كما اعتنق الفكر الوجودي ايضا و من المعروف ان في بدايات كل من نجيب و توفيق الحكيم كانوا جد متأثرين بالفلسفة الوجودية ، الامر الذي نكص عنه اغلب مفكرينا المعروفين و رجعوا عن افكارهم تلك ، فتوفيق الحكيم كتب التعادلية و الاسلام ( كتاب رائع انصح الجميع بقرأته ) ، و كتب طه حسين – اتهم في بدايته بالالحاد – الوعد الحق ، و كتب العقاد – الليبرالي – الكتب الاسلامية من ضمنها العبقريات ، اما اكبر تغيير فطال سيد قطب – تلميذ العقاد و احد النقاد الليبرالين المعروفين – فتحول الي منافيستو الاسلام السياسي و انضم لجماعة الاخوان المسلمين في اخر اعوامه ، و يوجد الان العديدن من انصاره المعروفين بالقطبيين – و لا اخفي اني احد معجبيه – اما نجيب فاورد له هذه الكلمات مع الاستاذ محمد سلماوي في كتاب وطني مصر(حوار ات مع الاستاذ نجيب محفوظ اجراها الأستاذ محمد سلماوي ) : إذن فالفارق بين الفلسفة و الدين هو الايمان بوجود الله؟ : فقال مبتسما و هل هذا فارق بسيط ؟ .. إن الذي يخلق المبادئ بعقله قد يتشكك فيها ، قد يقول لنفسه ما الذي يلزمني بهذا ؟.. و لماذا أضحي بلذتي و سعادتي السريعة ، و كافة الفوائد الاخرى من اجل بضعة افكار ؟ .. لكن حين تكون المبادئ مستوحاة من الاله صاحب الكون و خالق الناس ، يكون لها معنى اخر ثم يضيف : الله هو الذي يعطي للقيم معناها .. الله هو الذي يعطي الوجود معناه .. بدونه لا معنى للوجود ..لا معنى للقيم ..و بديله هو العبث .. اللا معنى و نعود مرة اخرى للثلاثية فاقول ان نجيب اخذ دور كمال بطل الرواية و التي تبدأ به طفلا و تنتهي به في ال44 من عمره ، و طوال القصة يغرقنا كمال في جو كفكاوي قاتم للغاية ، و رغم ممارسة كمال للكتابة و ممارسته للجنس عقب تركه للحبيبته ، فإنه لم يجد أي سعادة طوال القصة و ظل على قلقه الذي صدره للقارئ ، و الحقيقة ان اعمق الافكار في رايي ، و التي كانت سبب عدم اقدام كمال على الزواج من الفتاة هو التناقض الواضح و البديهي (و الذي لم اجد ملحد واحد يدافع عنه حتى لحظتي هذه هم فقط يروجون للحب لكن بلا فضيلة ،ولو كانوا صادقين لروجوا لحب بعيد عن الحيوانية كما يدعون ) ، بين الحب الافلاطوني من جانب – و بين الزواج من جانب ، كانت المونولجات الخاصة بكمال طوال القصة تتناول حبه لعايدة –حبيبته- و التي كانت تمثل له اله من الالهة ، و بين الارتباط الجنسي الذي به حيوانية شديدة ، و لذة تعذيب الاخر بالنسبة للرجل او ما يطلق عليه السادذم ، و بالفعل يفشل كمال في تخطي هذا الحاجز المتناقض و حينما يصارح عايدة بحبه ، تسأله : ثم ماذا بعد أن تحبني ؟ فيجيبها : أحبك ! ، فكما نرى لا يستطيع هضم فكرة ارتباطه بالكيان الذي احبه و بجله كل هذا التبيجيل ، وفي حوار اخر مع اسماعيل لطيف –صديقه – يقول : إن المحبين لا يتزوجون ،( من جديد نجد التناقض المنطقي بين الزواج و الحب ، الاول بوجود الجنس كعامل مؤثر و محرك فيه و الاخر كنموذج لحب عذري للجمال من ناحية ) ، و حينما تتزوج عايدة من صديق كمال يقف بجانب منزلها ، و يسأل صديقه اسماعيل لطيف عن ما تراه يحدث الان ؟ ، ثم يسأله السؤال المنطقي : أترى أن أحدا يحب أحدا ،فيفعل فيه هذا ؟ ، و بالطبع كانت قصر الشوق في رايي هي اعمق الروايات التي قرأتها عن الحب في حياتي ، و عبرت بدقة عن روح نجيب الرقيقة ، بعد ذلك يتجه كمال للكفر و يبدأ في ممارسة الجنس ، يعيش كمال حياة بها بعض المجون و الثقافة لكنه لا يستطيع طوال الرواية أخذ اي موقف و بتحليل الرواية تبعا للنظرية الدارونية ، نجد أن كمال هو نموذج متطور من أخيه الأكبر الشهيد فهمي ، الشاب المثقف المتدين طالب المحاماة الذي استشهد على يد القوات البريطانية المحتلة في نهاية الجزء الاول ، لم يكن فهمي يملك ثقافة محددة او تيار فكري محدد ، كان طالبا في كلية الحقوق ، مثالي لحد بعيد جدا ، لكن دون محرك ثقافي ايدلوجي ( إن جاز لنا التعبير ) و يأخذ نفس الخط كمال، فهو حامل لواء الثقافة في العائلة –والرواية – بعد أخيه ، ورغم كفر كمال بكل شئ تقريبا الا انه لم يستطع ان يكفر بالوطنية ، ورغم استيائه في الرواية من حزب الوفد في الثلاثينات الا انه ظل بقلبه مع الوفد وان لم يأخذ اي موقف محدد طوال فترة كفره هذه بعد ذلك نأتي لشخصيتان ، ابنتا اخت كمال ( احمد و عبد المنعم ) ، الشقيقان اللذان ورثا جزءا كبيرا من المثالية في افعالهم من والدتهم شبه الامية ( خديجة ) و التي هي الاخرى كانت نموذج اكثر تطورا وفقا لوجهة نظر نجيب من امينة ( الانثى المستسلمة للسيد أحمد ) و وقد حاول نجيب طوال القصة ابراز التناقض في شخصية خديجة فرغم شراستها البادية الا انها كانت طيبة و حقانية ، و هو نموذج اظن كان مقصودا من نجيب ( الذي بالمناسبة كان على تعلق حقيقي بوالدته في الواقع) إذ كان يرى اهمية وجود شخصية قوية للمراة لكنها في نفس الوقت سيدة منزل ماهرة و ربة رشيدة ، المهم ان احمد يتشكل ليكون شاب شيوعي فيما يصير عبد المنعم من الاخوان المسلمين ( الحركة الصاعدة في تلك الحقبة ) ، و رغم ما كتب كثيرا عن بغض نجيب للاخوان و ربطوه بتمثيله لسيد قطب في المرايا بشخصية أديب برجماتي ذكي ، فعلى العكس كان بادي المدح لعبد المنعم في القصة ،والذي حاول إظهار جزء شهوانيته الفطرية و التي مثلت ارتباطه بفتاة من الجيران وهو في الرابعة عشر لكنه و بدافع الدين يجبر نفسه على الزواج مبكرا ، لكن جل تركيزه في الجزء الثالث ( السكرية ) كان على أحمد ، وهو من كان يعتبره نموذج متطور منه ، و في رايي فإن أحمد و كمال كانا اعمق شخصيتان بالرواية ، و كان هناك نوع من الصداقة بينهما و الحقيقة ان نجيب – و بالتالي كمال – كان له حسد خاص لأحمد ، فقد فعل كل ما لم يجروء كمال على فعله ،و ينقلنا هذا بدوره لمحور الحب في القصة ، ففهمي الذي احب فتاة من طبقته تكبره في السن بعامين و استسلم لرغبة ابيه الذي امره بالا يخطبها و هو يدرس – و لم يبين في القصه هل رغب له في زيجة افضل له ام لا ؟ ، بينما احب كمال عايدة بلا هدف للارتباط ( كانت عايدة تكبره بعامين ايضا و من طبقة اجتماعية ثرية ) ، لم يستطع الارتباط بها كما اوضحت سلفا ، و ظل كلا الشخصين فهمي و كمال متألما للحادثتين ، أحدهما لتزوج حبيبته ، أما الاخر –فهمي –فقد اكتشف ان مريم فتاة لعوب ، و مات فهمي وهو عند وجهة النظر هذه فيما لم يتمكن كمال من تخطي حاجز حبه الاسطوري لعايدة و في النهاية احب اختها الصغرى-بدور- لكنه لم يستطع الزواج منها ايضا رغم افتقار اسرتها في ذلك الوقت ، اما احمد ورغم انه احب زميلة له في الجامعة –علوية -، وكان ارتباطه بها ارتباط عاطفي افلاطوني بحت فهي من ناحية بيضاء جميلة ، و من ناحية اخرى راقية نظرا لوضع اجتماعي متميز ،ووجد أحمد -على عكس سلفيه - في نفسه الشجاعة والواقعية أن يطلبها للزواج و الارتباط ، و رفضت بأدب طبقا لمنطق عقلي بحت له علاقة بقدرة أحمد على تحمل اعباء الزواج بشكل لائق رغم انه كان ميسور الحال ، تخطى احمد هذه المحنة العاطفية سريعا و سرعان ما ارتبط بأبنة مطبعجي تعمل معه في نفس الجريدة (و تكبره كذلك باربعة اعوام و غير جميلة حسبما رأتها أمه ) و رغم اعتراض اهله على ذلك فاحمد – بثورية متوقعة – يواجهم و يتزوجها بل و يقطن ذات البيت . سجن أحمد في نهاية القصة مع شقيقه بعد مداهمة الشرطة لمنزلهما بحجة حيازة المنشورات ، و يزورهما خالهما في السجن و يغبطهما مرة اخرى فكل منهما يملك عقيدة يدافع عنها و يسجن من أجلها- احداهما دينية و الاخرى مادية - و في رأيه انها اعلى قيمة الانسانية – وهو رايي ايضا – و أظن أني قد اوضحت ما اريد اعتبر نجيب نفسه –حتى في ذلك الوقت – وجود إنسان يحمل ايدلوجية هو النموذج الأكثر تطورا من النموذج الوجودي ، قد يكون هناك ميزة للوجودية من وجهة نظره بالعمل و هي انفتاحه على التيارات المختلفة وعدم وقوفه عند حد للتفكير في مقالاته مثللا ، لكن ظلت المشكلة تؤرقه فرغم ذلك فإبني أختيه و خصوصا أحمد الشيوعي المثقف قادرين على اتخاذ مواقف و التأثير أكثر منه تبعا لايلوجيتهما الان ؟ ، ثم يسأله السؤال المنطقي : أترى أن أحدا يحب أحدا ،فيفعل فيه هذا ؟ ، و بالطبع كانت قصر الشوق في رايي هي اعمق الروايات التي قرأتها عن الحب في حياتي ، و عبرت بدقة عن روح نجيب الرقيقة ، بعد ذلك يتجه كمال للكفر و يبدأ في ممارسة الجنس ، يعيش كمال حياة بها بعض المجون و الثقافة لكنه لا يستطيع طوال الرواية أخذ اي موقف و بتحليل الرواية تبعا للنظرية الدارونية ، نجد أن كمال هو نموذج متطور من أخيه الأكبر الشهيد فهمي ، الشاب المثقف المتدين طالب المحاماة الذي استشهد على يد القوات البريطانية المحتلة في نهاية الجزء الاول ، لم يكن فهمي يملك ثقافة محددة او تيار فكري محدد ، كان طالبا في كلية الحقوق ، مثالي لحد بعيد جدا ، لكن دون محرك ثقافي ايدلوجي ( إن جاز لنا التعبير ) و يأخذ نفس الخط كمال، فهو حامل لواء الثقافة في العائلة –والرواية – بعد أخيه ، ورغم كفر كمال بكل شئ تقريبا الا انه لم يستطع ان يكفر بالوطنية ، ورغم استيائه في الرواية من حزب الوفد في الثلاثينات الا انه ظل بقلبه مع الوفد وان لم يأخذ اي موقف محدد طوال فترة كفره هذه بعد ذلك نأتي لشخصيتان ، ابنتا اخت كمال ( احمد و عبد المنعم ) ، الشقيقان اللذان ورثا جزءا كبيرا من المثالية في افعالهم من والدتهم شبه الامية ( خديجة ) و التي هي الاخرى كانت نموذج اكثر تطورا وفقا لوجهة نظر نجيب من امينة ( الانثى المستسلمة للسيد أحمد ) و وقد حاول نجيب طوال القصة ابراز التناقض في شخصية خديجة فرغم شراستها البادية الا انها كانت طيبة و حقانية ، و هو نموذج اظن كان مقصودا من نجيب ( الذي بالمناسبة كان على تعلق حقيقي بوالدته في الواقع) إذ كان يرى اهمية وجود شخصية قوية للمراة لكنها في نفس الوقت سيدة منزل ماهرة و ربة رشيدة ، المهم ان احمد يتشكل ليكون شاب شيوعي فيما يصير عبد المنعم من الاخوان المسلمين ( الحركة الصاعدة في تلك الحقبة ) ، و رغم ما كتب كثيرا عن بغض نجيب للاخوان و ربطوه بتمثيله لسيد قطب في المرايا بشخصية أديب برجماتي ذكي ، فعلى العكس كان بادي المدح لعبد المنعم في القصة ،والذي حاول إظهار جزء شهوانيته الفطرية و التي مثلت ارتباطه بفتاة من الجيران وهو في الرابعة عشر لكنه و بدافع الدين يجبر نفسه على الزواج مبكرا ، لكن جل تركيزه في الجزء الثالث ( السكرية ) كان على أحمد ، وهو من كان يعتبره نموذج متطور منه ، و في رايي فإن أحمد و كمال كانا اعمق شخصيتان بالرواية ، و كان هناك نوع من الصداقة بينهما و الحقيقة ان نجيب – و بالتالي كمال – كان له حسد خاص لأحمد ، فقد فعل كل ما لم يجروء كمال على فعله ،و ينقلنا هذا بدوره لمحور الحب في القصة ، ففهمي الذي احب فتاة من طبقته تكبره في السن بعامين و استسلم لرغبة ابيه الذي امره بالا يخطبها و هو يدرس – و لم يبين في القصه هل رغب له في زيجة افضل له ام لا ؟ ، بينما احب كمال عايدة بلا هدف للارتباط ( كانت عايدة تكبره بعامين ايضا و من طبقة اجتماعية ثرية ) ، لم يستطع الارتباط بها كما اوضحت سلفا ، و ظل كلا الشخصين فهمي و كمال متألما للحادثتين ، أحدهما لتزوج حبيبته ، أما الاخر –فهمي –فقد اكتشف ان مريم فتاة لعوب ، و مات فهمي وهو عند وجهة النظر هذه فيما لم يتمكن كمال من تخطي حاجز حبه الاسطوري لعايدة و في النهاية احب اختها الصغرى-بدور- لكنه لم يستطع الزواج منها ايضا رغم افتقار اسرتها في ذلك الوقت ، اما احمد ورغم انه احب زميلة له في الجامعة –علوية -، وكان ارتباطه بها ارتباط عاطفي افلاطوني بحت فهي من ناحية بيضاء جميلة ، و من ناحية اخرى راقية نظرا لوضع اجتماعي متميز ،ووجد أحمد -على عكس سلفيه - في نفسه الشجاعة والواقعية أن يطلبها للزواج و الارتباط ، و رفضت بأدب طبقا لمنطق عقلي بحت له علاقة بقدرة أحمد على تحمل اعباء الزواج بشكل لائق رغم انه كان ميسور الحال ، تخطى احمد هذه المحنة العاطفية سريعا و سرعان ما ارتبط بأبنة مطبعجي تعمل معه في نفس الجريدة (و تكبره كذلك باربعة اعوام و غير جميلة حسبما رأتها أمه ) و رغم اعتراض اهله على ذلك فاحمد – بثورية متوقعة – يواجهم و يتزوجها بل و يقطن ذات البيت . سجن أحمد في نهاية القصة مع شقيقه بعد مداهمة الشرطة لمنزلهما بحجة حيازة المنشورات ، و يزورهما خالهما في السجن و يغبطهما مرة اخرى فكل منهما يملك عقيدة يدافع عنها و يسجن من أجلها- احداهما دينية و الاخرى مادية - و في رأيه انها اعلى قيمة الانسانية – وهو رايي ايضا – و أظن أني قد اوضحت ما اريد اعتبر نجيب نفسه –حتى في ذلك الوقت – وجود إنسان يحمل ايدلوجية هو النموذج الأكثر تطورا من النموذج الوجودي ، قد يكون هناك ميزة للوجودية من وجهة نظره بالعمل و هي انفتاحه على التيارات المختلفة وعدم وقوفه عند حد للتفكير في مقالاته مثللا ، لكن ظلت المشكلة تؤرقه فرغم ذلك فإبني أختيه و خصوصا أحمد الشيوعي المثقف قادرين على اتخاذ مواقف و التأثير أكثر منه تبعا لايلوجيتهما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق